السفاره فی الغیبه الکبری بین التایید والمعارضه

اشارة

رقم الإیداع فی دار الکتب والوثائق __ وزارة الثقافة 1084

لسنة 2009 م

البلداوی، وسام برهان، 1974- م.

السفارة فی الغیبة الکبری بین التأیید والمعارضة / تألیف وسام برهان البلدوای. -کربلاء: العتبة الحسینیة المقدسة، 1430ق. -2009م.

144ص. -(قسم الشؤون الفکریة والثقافیة؛ 35)

المصادر: ص135 -140؛ وکذلک فی الحاشیة.

1. محمد بن الحسن (عج)، الإمام الثانی عشر، 256 ق. -الغیبة -شبهات وردود.     2. السمری، علی بن محمد،   -329ق. -السیرة. 3. محمد بن الحسن (عج)، الإمام الثانی عشر، 256 ق. -وثائق -شبهات وردود. 4. محمد بن الحسن (عج)، الإمام الثانی عشر، 256 ق. - الرؤیة - شبهات  وردود. 5. المهدویة. 6. محمد بن الحسن (عج)، الإمام الثانی عشر، 256ق. -السفراء. ألف. عنوان.

7س 8 ب / 4/ 224 BP

تمت الفهرسة قبل النشر فی العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

ص: 3

السفارة فی الغیبة الکبری

بین التأیید والمعارضة

تألیف

الشیخ وسام برهان البلداوی

إصدار

قسم الشؤون الفکریة والثقافیة

فی العتبة الحسینیة المقدسة

شعبة الدراسات والبحوث الإسلامیة

ص: 4

جمیع الحقوق محفوظة

للعتبة الحسینیة المقدسة

الطبعة الأولی

1430ه_ ___ 2009م

العراق: کربلاء المقدسة ___ العتبة الحسینیة المقدسة

قسم الشؤون الفکریة والثقافیة __ هاتف: 326499

Web: www.imamhussain-lib.com

E-mail: info@imamhussain-lib.com

ص: 5

مقدمة القسم

الحمد لله علی ما أنعم وله الشکر بما ألهم والصلاة والسلام علی خیر الأنام ومنیر الأفهام المبعوث بالرحمة والسلام وعلی آله الهداة إلی الإسلام.

تعد القضیة المهدویة من بین أهم القضایا التی شغلت الفکر الإسلامی بل والإنسانی ونالت اهتمام أعلام الحرکة العلمیة فی الإسلام وعلی مختلف الأزمنة؛ لما یرتبط بها من مجالات مختلفة کالعقائدیة والاجتماعیة والسیاسیة فضلا عن ظهور أیدلوجیات عدیدة استمدت مادتها ومحور حرکتها من دور (قدوم المصلح) الذی یقضی علی الشر ویقیم العدل ویحقق الأمن والأمان والحریة.

هذا المحور کان المادة الأساسیة لتلک الأیدلوجیات الزمکانیة سواء أکانت تتحرک ضمن بلوغ الهدف السیاسی أم التغییر الاجتماعی أم المنصب السلطوی، أم النفوذ الدینی، فضلا عن ارتباط القضیة المهدویة بالسماء والتی أعطت لها زخما لا یقل عن الزخم الذی حظیت به جمیع الرسالات السماویة، إلا أن الفارق بینها وبین هذه الرسالات هو القضاء التام علی الشر وتطهیر جمیع الأرض من الفساد؛ وهذا بطبیعة الحال یستلزم منح الإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه الشریف) من الله ولایة عظمی تتناسب مع حجم الإصلاح الذی سیحققه صلوات الله وسلامه علیه.

ولذا أثیر حول القضیة المهدویة کثیر من الأسئلة وکثیر من الشبهات ولاسیما موضوع السفارة فی زمن الغیبة الکبری التی کانت جوهر المناظرات الکلامیة والمباحث العقائدیة منذ صدور التوقیع الشریف من الناحیة المقدسة فی زمن السفیر الرابع للإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه الشریف) بوصفها الصرح الذی احتضن فلسفة الغیبة الکبری وانقطاع السفارة، التی لا تروق لأصحاب المطامع والمصالح.

ص: 6

ولذلک حاولوا بکل جهد إثارة العدید من الشبهات حول هذا التوقیع ومحاربته أشد المحاربة کی یتسنی لهم الادعاء بالمشاهدة والالتقاء بالإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه الشریف) الذی نبه إلی هذه القضیة العقائدیة فقال: (وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کذاب مفتر).

من هنا؛ کان اهتمام علماء الطائفة الاثنی عشریة، ابتداء من الشیخ الصدوق والشیخ المفید والشیخ النعمانی وغیرهم (رضوان الله علیهم)، بالقضیة المهدویة والدفاع عنها ومحاربة أصحاب الفتن والشبهات ومواجهتهم.

ولذا؛ وجد قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة أنه من الضروری أن یرفد المکتبة الإسلامیة بأحد هذه الأبحاث العقائدیة ألا وهو کتاب (السفارة بین التأیید والمعارضة) لسماحة الشیخ وسام برهان البلداوی ___ دامت توفیقاته ___ فبذل قصاری جهده فی إشباع البحث بالأدلة والتتبع الدقیق والمتأنی لمکامن الشبهة فکان __ وبحمد الله تعالی __ بحثا قیما ومفیدا، جعله الله للمؤلف ذخرا وشافعا فی الآخرة ومحلا للتوفیق والرحمة والسداد فی الآجلة.

ع. رئیس قسم الشؤون الفکریة والثقافیة

السید نبیل الحسنی

2/ رجب/ 1430ه_

ص: 7

الإهداء

إلی خلیفة الله فی أرضه، وحافظ إسرار رب العالمین، وسبیل الله الذی من سلک غیره هلک، إلی مَنِ الأعمال موقوفة علی ولایته، إلی من تبکیه عیون المؤمنین صباحا ومساء رجاء لقائه وظهوره، إلی مولای ومولی کل مؤمن ومؤمنة المهدی صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه علیه أُهدی هذا القلیل راجیا من الله ومنه القبول والتسدید والتوفیق.

عبدکم __ یا مولای __ وسام البلداوی

ص: 8

ص: 9

مقدمة الکتاب

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی جعل الحمد مفتاحا لذکره، وسببا للمزید من توفیقه ورحمته، والصلاة والسلام علی خیر الأنام محمد بن عبد الله، وعلی أهل بیته الطاهرین المعصومین، واللعنة الدائمة المترادفة علی أعدائهم، ومنکری فضائلهم، وغاصبی منازلهم، ومنتحلی رتبهم التی رتبهم الله فیها.

وبعد:

فحقیق علی المؤمن أن لا یبقی متفرجا مکتوف الأیدی، حین یری إخوانه وبنی جلدته ومن یشارکونه بالانتماء والعقیدة یسقطون فرادی وجماعات فی شراک أهل البدع والضلالة، وقد خُدعوا بغیهم، تتقاذفهم أمواج الفتن یمینا وشمالا، لا یهتدون فیها إلی معتصم یتمسکون به، ولا إلی نور یستضیئون به، وذلک لان الشبهة حینما تأتی تتشبه بالحق، فلا یقدر المؤمن البسیط أن یمیز نقاط ضعفها ومواقع الباطل والتدلیس فیها، فهی کما وصفها أمیر المؤمنین صلوات الله وسلامه علیه بقوله:

«إنما سمیت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق، فأما أولیاء الله فضیاؤهم فیها الیقین ودلیلهم سمت الهدی، وأما أعداء الله فدعاؤهم فیها الضلال ودلیلهم العمی»(1).


1- میزان الحکمة لمحمد الریشهری : ج2، ص1404.

ص: 10

فعلی المؤمن __ والحال هذه __ ان یقف عندها ویتوقی من الولوج فیها کما صدرت التوصیات بذلک عن الأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین قال الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه:

«الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی الهلکة»(1).

وقال أمیر المؤمنین صلوات الله وسلامه علیه:

«أمسک عن طریق إذا خفت ضلاله، فإن الکف عن حیرة الضلالة خیر من رکوب الأهوال»(2).

وإحساسا بالمسؤولیة الشرعیة، وانطلاقا من قول الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه:

«إذا ظهرت البدع فعلی العالم أن یظهر علمه فإن لم یفعل سلب منه نور الإیمان»(3).

وإعانة لإخوانی المؤمنین الذین لا یجدون حیلة ولا قوة یدفعون بها شبه أولئک المضلین، وقع الاختیار علی مناقشة أهم محور من تلک التی ما زال أصحاب تلک الرایات الضالة یؤکدون علیه، ویسخّرونه لإغواء ضعفاء الشیعة.

فأرجو من الله سبحانه وببرکة صاحب العصر والزمان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه أن یجعل فی هذا الکتاب وما یحویه إعانة حقیقیة لکل من یرید


1- المصدر السابق.
2- المصدر السابق.
3- علل الشرائع للشیخ الصدوق: ج1، ص236، العلة التی من أجلها سمی علی بن موسی الرضا علیه السلام.

ص: 11

النجاة من فتن آخر الزمان التی لا ینجو منها إلا من مد بالتوفیق والرعایة الإلهیة، وأن یجعل ثواب جهدی هذا خالصا لوجهه ورغبة فی قول النبی صلی الله علیه وآله وسلم:

«لان یهدی الله علی یدیک رجلا خیر لک مما طلعت علیه الشمس وغربت»(1).

ونصرة لدینه وإظهارا للحق الذی احتوشه الباطل من کل حدب وصوب.

الشیخ وسام برهان البلداوی

من المرقد الطاهر لأبی عبد الله الحسین صلوات الله وسلامه علیه

شهر رمضان المبارک لسنة 1429 ه_ __ 2008 م


1- الکافی للشیخ الکلینی: ج5، ص28، باب وصیة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأمیر المؤمنین علیه السلام فی السرایا الحدیث رقم4.

ص: 12

ص: 13

الفصل الأول: توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه بین التأیید والمعارضة

اشارة

ص: 14

ص: 15

مقدمة الفصل الأول

اشارة

لقد تعرضت روایة التوقیع المقدس الصادرة عن الناحیة المقدسة فی زمن السفیر الرابع للإمام المهدی علیه السلام لهجمات عنیفة وطعون متتالیة وفی فترات زمنیة عدیدة قلما تعرضت روایات أخری لمثلها، فالتواقیع الأخری التی صدرت من الناحیة المقدسة للسفراء الذین سبقوا السمری رحمه الله لم تتعرض لمثل ما تعرض له هذا التوقیع والسبب یعود إلی فقرة واحدة جاءت ضمن هذا التوقیع وهی قول الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف:

«... وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کذاب مفتر...».

هذه الفقرة التی سدت الباب علی کل من حاول أو یحاول استغلال اسم الإمام المهدی أرواحنا فداه وقضیته للارتفاع فی الأرض والطغیان فی البلاد بحجة أنه مرسل ومفوض من قبل الإمام المهدی علیه السلام، فمن الطبیعی __ والحال هذه __ أن یسدد هؤلاء المغرضون سهامهم وحرابهم للطعن والنیل من ذلک التوقیع المقدس الذی یعدّ شوکة فی عیون من یدعی المشاهدة والسفارة بعد انتهاء الغیبة الصغری ووقوع الغیبة التامة الکبری.

ص: 16

وسنستعرض فیما یلی وعلی عجالة نبذة مختصرة عن شخصیة الشیخ الجلیل والسفیر الرابع أبی الحسن علی بن محمد السمری علیه الرحمة والرضوان، ثم نذکر النص الکامل لهذا التوقیع الشریف.

ومن ثم نأتی علی شرح وافٍ لفقرات هذا التوقیع الشریف بما یتناسب وحجم هذا الکتاب.

ومن ثم نستعرض بعض الشبهات التی حاول أعداء هذا التوقیع الشریف إثارتها ضده لنقدم للقارئ الکریم صورة واضحة کاملة عن طبیعة تلک الشبهات والأهداف التی تقف وراء إثارتها وبالخصوص فی مثل هذه الظروف العصیبة التی یمر بها المجتمع المؤمن الذی ینتظر ظهور إمامه الغائب ویتوقع خروجه کل لحظة لیملأ الأرض عدلا بعدما ملئت ظلما وجورا علی الدین وأهله.

من هو الشیخ السمری قدس الله روحه ؟

هو الشیخ الجلیل أبو الحسن علی بن محمد رحمه الله المشهور بالسمری، أو السیمری، أو الصیمری، والغالب علیه لقب السمری مضبوطا بفتح السین والمیم معا، نسبة إلی جده، ولم یذکر عام میلاده، إلا أن المتیقن معاصرته للإمام العسکری سلام الله علیه فقد ذکره الشیخ الطوسی فی ضمن أصحاب أبی محمد الحسن بن علی بن محمد بن علی الرضا علیه وعلیهم السلام(1).


1- رجال الشیخ الطوسی: ص400، أصحاب الإمام أبی محمد الحسن بن علی بن محمد بن علی الرضا علیه السلام باب العین. وکشف الغمة للأربلی: ج3، ص213. وأیضاً راجع تاریخ الغیبة الصغری للسید محمد صادق الصدر: ص412.

ص: 17

متی وصلت إلیه السفارة والنیابة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه؟

ثم سلطت علیه الأضواء وعظم شأنه واشتهر أمره بعد تولیه السفارة خلفا للشیخ أبی القاسم بن روح الذی أوکلت إلیه مهمة السفارة من بعده بأمر من الإمام المهدی علیه السلام وذلک سنة 326 للهجرة وبقی فی السفارة إلی سنة 328 وقیل 329 للهجرة فتکون مدة سفارته عن الإمام المهدی قد امتدت ثلاثة أعوام کاملة.

الذین نصوا علی سفارته قدس الله روحه

وإیکال السفارة إلیه من قبل الشیخ أبی القاسم بن روح أشهر من أن یستدل علیه بدلیل، وقد تسالم علی صحة هذا الإیکال وصدقه من قبل الإمام المهدی علیه السلام عظماء الشیعة وعلماؤها وأرسلوه إرسال المسلمات وصرحوا به وضمنوه کتبهم وتصانیفهم قدیما وحدیثا، منهم شیخ الطائفة الطوسی قدس الله روحه فی کتابه الغیبة حیث قال: (ووکیله(1) عثمان بن سعید، فلما مات عثمان بن سعید أوصی إلی أبی جعفر محمد بن عثمان رحمه الله وأوصی أبو جعفر إلی أبی القاسم الحسین بن روح رضی الله عنه وأوصی أبو القاسم إلی أبی الحسن علی بن محمد السمری رضی الله عنه فلما حضرت السمری الوفاة سئل أن یوصی فقال: لله أمر هو بالغه)(2).

ومن الذین نصوا علی سفارته رضوان الله تعالی علیه أیضا الشیخ الجلیل الطبرسی قدس الله روحه حیث قال:


1- الضمیر راجع إلی الإمام المهدی علیه السلام.
2- الغیبة للشیخ الطوسی: ص393 – 395.

ص: 18

(وأما الأبواب المرضیون، والسفراء الممدوحون فی زمان الغیبة: فأولهم الشیخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعید العمری، نصبه أولاً أبو الحسن علی بن محمد العسکری، ثم ابنه أبو محمد الحسن، فتولی القیام بأمورهما حال حیاتهما علیهما السلام، ثم بعد ذلک قام بأمر صاحب الزمان علیه السلام، وکان توقیعاته وجواب المسائل تخرج علی یدیه، فلما مضی لسبیله،قام ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه، وناب منابه فی جمیع ذلک، فلما مضی هو، قام بذلک أبو القاسم حسین بن روح من بنی نوبخت، فلما مضی هو، قام مقامه أبو الحسن علی بن محمد السمری ولم یقم أحد منهم بذلک إلا بنص علیه من قبل صاحب الأمر علیه السلام، ونصب صاحبه الذی تقدم علیه، ولم تقبل الشیعة قولهم إلا بعد ظهور آیة معجزة تظهر علی ید کل واحد منهم من قبل صاحب الأمر علیه السلام، تدل علی صدق مقالتهم، وصحة بابیتهم)(1).

من عاصره من حکام بنی العباس

وقد عاصرت مدة نیابة الشیخ السمری قدس الله روحه حکومة اثنین من طغاة بنی العباس هم کل من الراضی بالله العباسی، والمتقی لله العباسی مدة قصیرة امتدت إلی خمسة أشهر، لأنّ الراضی هلک فی النصف من ربیع الأول سنة 329 للهجرة(2)، والشیخ السمری رحمه الله توفی فی نفس هذه السنة فی النصف من شعبان فی السنة المسماة بسنة تناثر النجوم(3).


1- الاحتجاج للشیخ الطبرسی: ج2، ص291 – 297.
2- سیر أعلام النبلاء، الذهبی: ج15، ص104.
3- الفوائد الرجالیة السید بحر العلوم: ج3، ص332.

ص: 19

الأسلوب العام الذی کان ینتهجه الشیخ السمری قدس الله روحه

ولم یکن السفیر الرابع علیه الرحمة والرضوان مختلفا عن بقیة السفراء الأمناء الذین سبقوه من حیث الأسلوب العام فی إدارة دفة القیادة والتوجیه للمجتمع المؤمن بقضیة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، حیث بقی الطابع العام فی نشاطهم بمجموعهم یهدف وبشکل خاص إلی قیادة المجتمع الموالی لأهل البیت نیابة عن الإمام المهدی علیه السلام، مع الحفاظ علی أسلوب الاحتجاب للائمة المعصومین صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین الذی أسس أساسه الإمام الهادی صلوات الله وسلامه علیه حیث لم یکن یتصل بعامة الناس إلا قلیلا، وأوکل مسألة الاتصال به إلی نواب ووکلاء له مخصوصین عن طریقهم تصل التوجیهات ومسائل الحلال والحرام التی یحتاج إلیها الموالون، وقد ضاعف الإمام الحسن العسکری صلوات الله وسلامه علیه هذا الاحتجاب بهدف تهیئة الأجواء وترویض الأذهان للقواعد الموالیة علی تقبل فکرة الاحتجاب التام للإمام الثانی عشر صلوات الله وسلامه علیه.

واستمر أسلوب الاحتجاب ساریا حتی بعد وفاة الإمام العسکری صلوات الله وسلامه علیه وتولی الإمام المهدی مقالید الإمامة، مع فارق صغیر وهو ان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه قد ضیق نسبة المتصلین به لیشمل کثیراً من المقربین الذین کانوا من وکلاء أبیه الإمام الحسن العسکریصلوات الله وسلامه علیه ومعتمدیه.

مبررات انحسار الاتصال بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بالسفراء الأربعة

واستثنی الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه من ذلک التشدد عصبة من مقربی المقربین، مع الحفاظ والتشدید علی أسلوب الحیطة والحذر والتقیة فی أعلی مستویاتها، وهو أسلوب توجد له مبرراته الکثیرة، والتی من أهمها

ص: 20

الوضع الأمنی الصعب والمعقد، الذی کان یعیشه الشیعة فی ظل تلک الحکومات الجائرة المستهترة فی سفک دماء أتباع أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، تلک الحکومات التی کانت تتحین الفرص من اجل إیصال الأذی إلیهم، فلابد __ والحال هذه __ من الإبقاء علی أسلوب الحیطة والحذر والاحتجاب، والتشدد علیه کلما اشتد الوضع صعوبة، إذ لولاه لوجد احتمال کبیر لتسرب اسم السفیر أو الوکیل الخاص إلی السلطات الحاکمة فیحصل ما لا یحمد عقباه ولا ترتضی نتائجه.

الأدلة علی صحة سفارة السفیر الرابع قدس الله روحه

اشارة

کذلک کان السفیر الرابع قدس الله روحه یشابه من کان قبله من السفراء بعدة أمور وممیزات تعارف وجودها عند کل السفراء، حتی صارت هذه الممیزات فی عرف متشرعة ذلک العصر وتلک الفترة دلیلا علی صدق ادعاء السفیر وصحة ارتباطه بالإمام المهدی أرواحنا فداه، ومن هذه الممیزات نخص بالذکر ما یلی:

أولا: وحدة الخط الذی به کانت ترد جمیع التوقیعات وتشابهه

لقد امتازت مرحلة الغیبة الصغری بأن جمیع التوقیعات التی کانت تخرج عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه إلی سفرائه کانت تکتب بخط موحد لم یختلف علی الرغم من تغیر أشخاص السفراء، وهو نفسه الخط الذی کانت تکتب به الکتب زمن الإمام الحسن العسکری وتخرج إلی الوکلاء، وهو مشخص ومعروف لدی عامة الوکلاء الثقات الذین عاصروا کلا من الإمام الحسن العسکری صلوات الله وسلامه علیه وغیبة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه.

ص: 21

وفی هذا الصدد یقول الشیخ الطوسی قدس الله روحه:

(وکانت توقیعات صاحب الأمر علیه السلام تخرج علی یدی عثمان بن سعید وابنه أبی جعفر محمد بن عثمان إلی شیعته وخواص أبیه أبی محمد علیه السلام بالأمر والنهی والأجوبة عما یسأل الشیعة عنه إذا احتاجت إلی السؤال فیه بالخط الذی کان یخرج فی حیاة الحسن علیه السلام...)(1).

وصدوره بهذا الشکل علی أیدی السفراء کان دلیلا واضحا علی صدق اتصالهم بالإمام المهدی علیه السلام، وعلیه (تکون شهادة الخط أوسع وأعلی من شهادة السفیر، بکون هذا البیان صادرا عن الإمام المهدی علیه السلام فإذا انضمت الشهادتان(2) وتصادقتا علی ذلک کان فی ذلک الکفایة لمن کان له قلب أو ألقی السمع وهو شهید).

ثانیا: صدور بعض الأمور التی تندرج تحت عنوان العلم بالغیب علی یدیه

من قبیل إخباره بموت الشیخ علی بن الحسین بن بابویه القمی علیه الرحمة والرضوان(3) فی نفس الیوم والساعة التی توفی فیها، فعن الشیخ الصدوق قدس الله روحه قال:


1- الغیبة للشیخ الطوسی: ص356، وص366. بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج51، ص346.
2- والشهادتان هما کل من شهادة الخط وشهادة السفیر بوصفه منصوصا علی وثاقته ومقتضی وثاقته عدم صدور الکذب عنه فإذا اجتمعت الشهادتان کانتا کافیتین للإثبات التاریخی والإلزام بصحة صدور التوقیع عن الناحیة المهدویة المقدسة.
3- ذکره النجاشی فی کتاب رجاله: ص276 بقوله (محمد بن علی بن الحسین بن موسی بن بابویه القمی أبو جعفر نزیل الری شیخنا وفقیهنا ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد سنة 355 وسمع منه شیوخ الطائفة وهو حدث السن وله کتب کثیرة).

ص: 22

(حدثنا أبو الحسین صالح بن شعیب الطالقانی رضی الله عنه فی ذی القعدة سنة تسع وثلاثین وثلاثمائة قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهیم بن مخلد قال: حضرت بغداد عند المشایخ رضی الله عنهم فقال الشیخ أبو الحسن علی بن محمد السمری قدس الله روحه ابتداء منه: رحم الله علی بن الحسین بن موسی بن بابویه القمی قال: فکتب المشایخ تاریخ ذلک الیوم فورد الخبر أنه توفی ذلک الیوم)(1).

وینبغی التنبیه هنا علی أن السفیر الرابع علیه الرحمة کان فی بغداد وابن بابویه کان فی مدینة قم حینما حضرته الوفاة، وفی ذلک العصر وبحسب الوسائل المتعارفة فیه من غیر الطبیعی أن یصل مثل هذا الخبر بنفس الساعة ما لم یکن هذا الشخص متصلا بجهة لها القدرة علی الإطلاع المباشر علی الأحداث وعلی الغیب، والحال لم یکن فی ذلک العصر لأحد من قدرةٍ علی کشف الغیب سوی الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف.

ومن المغیبات التی أخبر عنها الشیخ السمری قدس الله روحه، إخباره عن موته بعد ستة أیام من تاریخ خروج آخر توقیع علی یدیه وسیأتی ذکر الخبر، وصدق وقوعه فی الخارج وضمن المدة التی حددها دلیل علی ان هذا الإخبار جاء من قبل شخص له ارتباط وثیق بالله سبحانه وتعالی، وبمصادر العلم بالغیب، وله أهلیة معرفة الآجال والأعمار، ولم یکن هنالک شخص یمکن أن ینطبق علیه هذا الوصف غیر الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه.


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص503.

ص: 23

وهذا الاتصال بمصدر الغیب عن طریق الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه هو مما کان یصرح به السفراء أنفسهم رضوان الله تعالی علیه، فقد قال الشیخ الحسین بن روح لبعض من وقع فی قلبه الشک واضمر فی قلبه ان الذی یخبرهم به ابن روح قدس الله روحه هو من عند نفسه لا من عند الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فقال له الشیخ ابن روح مبتدئا ومخبرا له بما یجول فی ضمیره:

(یا محمد بن إبراهیم لان أخرُّ من السماء فتخطفنی الطیر أو تهوی بی الریح فی مکان سحیق أحب إلی من أن أقول فی دین الله عز وجل برأیی أو من عند نفسی، بل ذلک عن الأصل ومسموع عن الحجة صلوات الله علیه وسلامه)(1).

إذن فصدور المغیبات علی ید السفیر الرابع دلیل إضافی علی صدق ارتباطه بالمعصوم صلوات الله وسلامه علیه وهو دلیل أیضا علی صحة وصدق ما صدر عنه من التوقیعات وغیرها.

وللسفیر الرابع قدس الله روحه فی إخراجه للمغیبات أسوة حسنة بنظرائه من بقیة السفراء الثلاثة الذین سبقوه رضوان الله تعالی علیه، فهذا الحسین بن روح قدس الله روحه یتکلم باللسان الآبی من دون أن یسبق له معرفة به ولا قد سمع منه معرفته بهذا اللسان فعن الشیخ الصدوق رضوان الله تعالی علیه قال:

(أخبرنا محمد بن علی بن متیل قال: کانت امرأة یقال لها: زینب من أهل آبة، وکانت امرأة محمد بن عبدیل الآبی معها ثلاثمائة دینار فصارت إلی عمی


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص508 – 509.

ص: 24

جعفر بن محمد بن متیل وقالت: أحب أن أسلم هذا المال من یدی إلی ید أبی القاسم بن روح قال: فأنفذنی معها أترجم عنها، فلما دخلت علی أبی القاسم رضی الله عنه أقبل یکلمها بلسان آبی فصیح فقال لها: زینب چونا، خویذا، کوابذا، چون استه. ومعناه کیف أنت؟ وکیف کنت؟ وما خبر صبیانک؟ قال: فاستغنت عن الترجمة وسلمت المال ورجعت)(1).

والسفیر محمد بن عثمان قدس الله روحه یخبر بسنة موته وبالشهر والیوم فصار یهیئ لنفسه ساجة وهی اللوح من الخشب یکتب علیها آیات من القرآن وأسماء الأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین علی حواشیها فیتحقق کلامه من دون أن یتخلف شیءٌ مما قاله واخبر به(2).

کل هذه الأمور وغیرها مما لم نذکرها تعبر عن حقیقة واحدة ألا وهی صدق ارتباطهم بمصدر الغیب وهو الإمام المعصوم المرتبط بدوره بعلام الغیوب المطلق، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار __ فضلاً عمّا تقدم __ درجة وثاقتهم العالیة الرفیعة، فیلزم حینئذ تصدیق کل ما صدر عنهم من التوقیعات والأخبار التی نسبوها إلی الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، ومنها هذا التوقیع الأخیر الذی صدر فیه الأمر بقطع السفارة وإیقافها وتکذیب کل من یدعیها بعد الشیخ السمری قدس الله روحه.

هذه نبذة مختصرة عن حیاة هذا الرجل العظیم والسفیر الجلیل الذی ختمت علی یدیه السفارة والنیابة الخاصة فرحمه الله یوم ولد ویوم مات ویوم یبعث من قبره.


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص503 – 504.
2- الغیبة للشیخ الطوسی: ص365.

ص: 25

النص الکامل لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه

عن الشیخ الصدوق قدس الله روحه قال: (حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المکتب قال: کنت بمدینة السلام(1) فی السنة التی توفی فیها الشیخ علی بن محمد السمری فحضرته قبل وفاته بأیام فأخرج إلی الناس توقیعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحیم یا علی بن محمد السمری أعظم الله أجر إخوانک فیک فإنک میت ما بینک وبین ستة أیام فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغیبة الثانیة(2) فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلک بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا، وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم. قال: فنسخنا هذا التوقیع وخرجنا من عنده، فلما کان الیوم السادس عدنا إلیه وهو یجود بنفسه، فقیل له: من وصیک من بعدک فقال: لله أمر هو بالغه. ومضی رضی الله عنه، فهذا آخر کلام سمع منه)(3).

وعن الشیخ الطوسی رحمه الله قال: وأخبرنا جماعة(4)، عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویه، قال: حدثنی أبو محمد الحسن بن أحمد المکتب قال: (کنت بمدینة السلام فی السنة التی توفی فیها الشیخ أبو الحسن علی بن محمد السمری قدس سره، فحضرته قبل وفاته بأیام فأخرج إلی الناس توقیعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحیم: یا علی بن محمد السمری أعظم الله أجر إخوانک فیک،


1- یقصد بها مدینة بغداد.
2- فی بعض النسخ (فقد وقعت الغیبة التامة).
3- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص516، الباب الخامس والأربعون ذکر التوقیعات.
4- یقصد رحمه الله بالجماعة هنا جماعة من مشایخه.

ص: 26

فإنک میت ما بینک وبین ستة أیام فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد فیقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغیبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالی ذکره، وذلک بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا. وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم. قال: فنسخنا هذا التوقیع وخرجنا من عنده، فلما کان الیوم السادس عدنا إلیه وهو یجود بنفسه، فقیل له: من وصیک من بعدک فقال: لله أمر هو بالغه وقضی. فهذا آخر کلام سمع منه رضی الله عنه وأرضاه)(1).

وقال الشیخ الطبرسی: (لما حان سفر أبی الحسن السمری من الدنیا وقرب أجله قیل له: (إلی من توصی؟ فأخرج إلیهم توقیعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحیم یا علی بن محمد السمری أعظم الله أجر إخوانک فیک، فإنک میت ما بینک وبین ستة أیام، فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد فیقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغیبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالی ذکره، وذلک بعد طول الأمد،وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا. وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم. فنسخوا هذا التوقیع وخرجوا، فلما کان الیوم السادس عادوا إلیه وهو یجود بنفسه. فقال له بعض الناس: من وصیک من بعدک؟ فقال: لله أمر هو بالغه، وقضی فهذا آخر کلام سمع منه رحمه الله)(2).


1- الغیبة للشیخ الطوسی: ص395، ذکر أبی الحسن علی بن محمد السمری رضی الله عنه.
2- الاحتجاج للشیخ الطبرسی: ج2 ، ص297.

ص: 27

تحلیل محتوی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه ومضمونه

اشارة

احتوی توقیع الشیخ السمری رضوان الله تعالی علیه علی عدة معان عظیمة القدر جدیرة بالوقوف علی تفاصیلها وتبیین مضامینها لأهمیتها وندرة من تعرض لها بالشرح والتبیین، وهی بحسب ما یحتمله المقام مبینة فیما یلی علی شکل مباحث مختصرة:

المبحث الأول: فوائد هذا التوقیع علی المستوی الشخصی والاجتماعی

ان ابتداء هذا التوقیع الشریف بعبارة (یا علی بن محمد السمری) فیه إشارة بان هذا التوقیع موجه وبشکل رئیس إلی شخص السفیر الرابع بقرینة استعمال أداة النداء (یا) وإردافها باسم السفیر الرابع، ومن ثم إتباعها بإخبارات وتوصیات تنفعه بشکل شخصی فقال صلوات الله وسلامه علیه:

«فإنک میت... فاجمع أمرک... ولا توص إلی أحد...».

ولیس توجیه الخطاب إلی شخص السفیر الرابع قدس الله روحه إلا لأجل ان یعد العدة ویهیئ أسباب الرحیل، سواء فی ذلک أسباب الآخرة، أو الأسباب الدنیویة المتعلقة بالأموال والأمانات والموقوفات التی کانت تحت یدیه، إذ لابد من تحدید موقف حاسم تجاهها، والسفیر الرابع وان کان __ وبحسب مقامه ومنزلته الرفیعة __ لا یتصور منه تهاون فی مثل هذه الأمور البتة، إلا ان تحدید وقت ارتحاله من الدنیا، وتوجیه الخطاب له بجمع الأمر، یزیده اهتماما إلی اهتمامه، واستعدادا إلی استعداده، ومثل هذه الفائدة بدیهیة، لان اتقی المؤمنین لو أخفی عنه أجله لرأیناه علی طول أیام عمره مستعدا، وللعمل لآخرته مراعیا، ولکن هذا الاستعداد

ص: 28

یتضاعف وتلک المراعاة تشتد فیما لو اخبر إخبارا یقینیا بأن أجله سیکون بعد شهر أو أسبوع(1).

ولکن یجب أن نلتفت إلی أمر مهم وهو أن التوقیع المقدس الموجه إلی السفیر الرابع قدس الله روحه وان ابتدئ باسمه وتصدرته أوامر وتوجیهات تخصه الا ان هذا لا یعنی أن بقیة أفراد المجتمع الموالی سوف لن ینالوا منه الفائدة سواء فی ذلک الزمان أو الذی یلیه والی وقت انتهاء الغیبة التامة.

فإخبار الإمام صلوات الله وسلامه علیه مثلا بموت السفیر الرابع وان کانت له قیمته وفائدته الشخصیة بالنسبة للسفیر الرابع کما أوضحناه آنفا، إلا ان المجتمع عموماً ولاسیما المقربین من السفیر الرابع من أهل الإیمان والعلم والمعدودین من وجوه الشیعة ورموزها فی ذلک الوقت یمکن أن یستفیدوا منه أیضا، من حیث ان هذا


1- قضیة الاستعداد الزائد والمکثف والاهتمام الإضافی عند قرب الموت کان متعارفا عند السفراء جمیعا شأنهم فی ذلک شأن کل إنسان متقٍ یخبر یقینا بقرب حلول اجله، وکشاهد علی هذا الأمر ما أخرجه الشیخ الطوسی فی غیبته: ص364 __ 365. عن ابن نوح قال: أخبرنی أبو نصر هبة الله بن محمد، قال: حدثنی أبو علی بن أبی جید القمی رحمه الله قال: حدثنا أبو الحسن علی بن أحمد الدلال القمی قال: دخلت علی أبی جعفر محمد بن عثمان رضی الله عنه یوما لأسلم علیه، فوجدته وبین یدیه ساجة ونقاش ینقش علیها ویکتب آیاً من القرآن وأسماء الأئمة علیهم السلام علی حواشیها. فقلت له: یا سیدی ما هذه الساجة؟ فقال لی: هذه لقبری تکون فیه أوضع علیها أو قال: أسند إلیها وقد عرفت منه، وأنا فی کل یوم أنزل فیه فأقرأ جزءا من القرآن فیه فاصعد، وأظنه قال فأخذ بیدی وأرانیه، فإذا کان یوم کذا وکذا من شهر کذا من سنة کذا صرت إلی الله عز وجل ودفنت فیه وهذه الساجة معی.

ص: 29

الإخبار بدنو موت الشیخ السمری وقربه سیکون علی اقل التقادیر حافزا لهم ومحرکا للسؤال والتفحص عمن سیخلف الشیخ السمری قدس الله روحه.

کما سیکون فی تحدید وفاة السفیر الرابع بستة وحصرها أیام وصدق وقوعها فی الخارج قرینة أکیدة ویقینیة بالنسبة إلیهم علی صحة وصدق بقیة الکلام الذی سیعقب هذه الفقرة التی فی التوقیع المقدس.

فضلاً عن ان مدة الستة أیام ستکون فرصة ذهبیة للمجتمع المؤمن بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، ولاسیما علماءهم ومن یتصف منهم بالوجاهة، للتزود بکل طاقته من شخص السفیر الرابع، بالسؤال والاستفسار عن تفاصیل المرحلة القادمة وظروفها وملابساتها إلی غیر ذلک من الفوائد التی یمکن ان یستفید منها المجتمع الموالی.

وضرورة استفادتهم من هذه الفرصة تکاد تکون بدیهیة،لان الداعی للسؤال موجود، لأنهم معرضون بسبب وجاهتهم للسؤال من قبل الناس عن مصیر السفارة بعد الشیخ السمری قدس الله روحه، وعن مصیر الموالین من بعد انقطاع السفارة الخاصة عنهم، والمانع عن السؤال مرتفع للمقربین علی اقل التقادیر، وبوجود المقتضی وارتفاع المانع لا یبقی عذر مقبول عن السؤال والاستفسار من السفیر الرابع عن کل صغیرة وکبیرة قد یحتاجها المجتمع فی مستقبل الأیام(1).


1- وعدم وجود نص صریح بسؤالهم لا یقتضی عدم سؤالهم لان عدم الوجدان لا یدل علی عدم الوجود.

ص: 30

المبحث الثانی: توقف السفارة بعد موت الشیخ السمری قدس الله روحه

اشارة

ینص هذا التوقیع الشریف وبوضوح تام علی ان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه یأمر سفیره الرابع قدس الله روحه بعدم الوصیة بالسفارة والنیابة الخاصة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لأحد بعد موته، وهذا هو المفهوم من قوله صلوات الله وسلامه علیه:

«فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک».

مما یعنی ان مرحلة من مراحل الغیبة قد انتهت، وبانتهائها ستبدأ مرحلة ثانیة وهی التی عبر عنها الإمام صلوات الله وسلامه علیه بقوله:

«فقد وقعت الغیبة الثانیة فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل».

وهذا ما سیشکل نقطة تحول مهمة فی الهیکلیة العامة للقضیة المهدویة.

وأمر الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لسفیره الرابع قدس الله روحه ان لا ینصب أحدا من بعده یستبطن مسألة مهمة وهی ان السفارة الخاصة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لا تثبت شرعیتها من دون النص الدال علی سفارة السفیر اللاحق من قبل السفیر السابق کون السفیر السابق هو المتحدث بلسان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، فالنص من قبل السفیر السابق علی اللاحق هو الذی یجعل الحجیة لکلام ذلک اللاحق، فإذا انتفی النص انتفت الحجیة، وسلبت الشرعیة، وعلی هذا الأساس سارت جمیع السفارات الخاصة فی زمن الغیبة الصغری فالسفیر الثانی قدس الله روحه لم تثبت سفارته ولم یجعل لها الحجیة إلا مع وصیة السفیر الأول قدس الله روحه به بأمر الإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه علیه وکذلک الحال بالنسبة للسفیر الثالث والرابع رضوان الله تعالی علیه فیلزم

ص: 31

علی مدعی السفارة فی عصر الغیبة الکبری ان یأتی بنص صریح یقر سفارته من قبل السفیر الرابع قدس الله روحه وهو مستحیل لعدم وجوده کون السفیر الرابع لم یوص لأحد من بعده وهو یعنی عدم شرعیة کل سفارة فی عصر الغیبة الکبری.

فالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بناء علی ما سبق یرید ان ینفی السفارة التی یمکن ان تکون حجة، لا مطلق السفارة حتی الکاذبة منها، وکیف ینفی الإمام صلوات الله وسلامه علیه السفارة الکاذبة وهو یعلم یقینا ان هنالک من سیدعی المشاهدة مع السفارة حیث صرح صلوات الله وسلامه علیه:

«وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر».

ووصفه بالکذاب المفتر سلب لشرعیة سفارته.

ویضاف إلی هذا المبحث أن لإخبار الإمام المهدی بانتهاء الغیبة الصغری وتوقف السفارة فائدتین هما:

الفائدة الأولی: للجواب عما سیثار حول مستقبل النیابة الخاصة من قبل الموالین

تتعلق بشخص السفیر الرابع قدس الله روحه بوصفه المعنی الأول فی هذا التوقیع، من سیقوم بأعباء مهمة ختم السفارة، فیکون قول الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه:

«فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغیبة الثانیة __ التامة __ فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل».

هو بمنزلة جواب مقدم من قبله صلوات الله وسلامه علیه علی سؤال سیتعرض له السفیر الرابع قدس الله روحه، لان الناس وبعد علمهم بقرب وفاته ودنو أجله ورحیله

ص: 32

عن الدنیا بعد ستة أیام، فانهم سیواجهونه بسؤال بدیهی وضروری، عن الشخص الذی سیخلفه من بعد موته ویقوم مقامه، وذلک لان القاعدة الشعبیة اعتادت علی ظاهرة السفراء والوصایة لأحدهم من بعد الآخر، فتکون الفقرة السابقة لانتهاء الغیبة الصغری وابتداء الکبری، وعدم ورود الإذن بالوصایة لأحد من بعده هو الجواب الشافی علی ذلک السؤال.

الفائدة الثانیة: إعطاء فرصة أخیرة لیستفید منها الناس کل حسب طاقته ومستواه

تتعلق بالمجتمع الذی کان یعیش فی تلک الحقبة الزمنیة والذی کان معنیا بصورة رئیسة بهذا التوقیع المبارک، فقوله:

«فاجمع أمرک ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغیبة الثانیة __ التامة __ فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل».

یدل علی ان فرصة الالتقاء بالإمام صلوات الله وسلامه علیه وإمکانیة الوصول إلیه باتت قصیرة جدا فعلی الجمیع ان یستفید منها کل علی حسب مستواه وطاقته ومبلغ علمه.

المبحث الثالث: ثمانیة أدلة علی انقطاع السفارة الصادقة بعد الشیخ السمری

اشارة

تأکیدا لما توصلنا إلیه فی المبحث السابق من توقف السفارة بعد رحیل الشیخ السمری قدس الله روحه وإتماما للفائدة نقدم بین یدی القارئ الکریم ثمانیة من الأدلة التی ورد ذکرها فی کتب الأعلام من علماء الطائفة الحقة رضوان الله تعالی علیه وکلماتهم التی تؤکد بأجمعها علی حقیقة ما توصلنا إلیه سابقا، وهذه الأدلة هی کالآتی:

ص: 33

الدلیل الأول: عدم وجود خبر یدل علی وقوع السفارة فی الغیبة الکبری

ما ذکره المیرزا محمد تقی الأصفهانی فی کتابه مکیال المکارم حیث قال: (إن هذه المسألة(1) مع عموم الابتلاء بها لجمیع أهل الإیمان(2)، والاهتمام بشأنها، لم ینقل أحد من علمائنا من زمان الأئمة علیهم السلام إلی هذا الزمان خبرا واحدا یدل تصریحا أو تلویحا أو إشعارا علی وقوع النیابة الخاصة فی زمان الغیبة الثانیة، مع کثرة تتبع العلماء وحفظة الحدیث، واهتمامهم بنقل الأحادیث، وتدوینها، وروایتها حتی ضبطوا الأخبار المشتملة علی المطالب الجزئیة، والآداب التی قلما یتفق ابتلاء الشخص بها مدة عمره، والأخبار المشتملة علی القصص والحکایات وغیرها، وحتی ضبطوا الأخبار الضعیفة والمشتملة علی المجاهیل، إلی غیر ذلک ما لا یخفی علی المتتبع فی کتب الأحادیث والآثار وبملاحظة ذلک کله یحصل الاطمئنان بعدم وقوع الوکالة والنیابة الخاصة فی زمان الغیبة الکبری(3) بحیث لو لم یکن لنا دلیل علی هذا المدعی جاز لنا التعویل علی هذا الوجه(4) وکفی(5).


1- مسألة السفارة والنیابة الخاصة عن الإمام المهدی أرواحنا فداه.
2- الحاجة إلی الإمام مما لا ینفرد بها مؤمن دون مؤمن آخر، ولا زمان دون زمان، فالکل محتاج لوجود الرابطة بینه وبین إمام زمانه، لذلک قال قدس الله روحه ان هذه المسألة محل ابتلاء لجمیع أهل الإیمان.
3- إذ لو کان لها أصل من کلمات الإمام المهدی علیه السلام ومن کتب علماء الفرقة الناجیة لنقلت لنا وبما أنها لم تنقل فهی غیر موجودة إذن، وکیف لا تنقل لو کان لها وجود وهی کما قال قدس الله روحه مما تعم بها البلوی لجمیع أهل الإیمان، مع ان أساطین العلماء والمحدثین نقلوا ما هو اقل من هذا أهمیة بمراتب ومراتب.
4- وهو عدم الدلیل فیما تعم به البلوی دلیل علی العدم.
5- أی وکفی بعدم وجود الدلیل علی استمرار السفارة والنیابة الخاصة دلیلا علی العدم،کیف والحال ان عندنا دلیلاً صریحاً ینفی ذلک وهو روایة الشیخ السمری قدس الله روحه.

ص: 34

والحاصل(1) أن عدم الدلیل فیما تعم به البلوی دلیل علی العدم، وهذه قاعدة شریفة متینة، استند إلیها وعول علیها جمع من الفحول من علماء الأصول(2) وعلیها بناء العقلاء فی جمیع أمورهم، مما یتعلق بدنیاهم وعقباهم ومعائشهم ومعاشراتهم فی تمام الأزمنة والأعصار فإنهم یحکمون فی کل شیء یشکون فیه بعدمه عند عدم الدلیل علیه بعد الفحص والتفتیش عنه.

وبالجملة لا یبقی لذی مسکة بعد الفحص والتتبع التام فی أمر تعم به البلوی لجمیع الأنام، وعدم الظفر بشیء یدل علی المرام تأمل وتردید فی الحکم بالعدم خصوصا مع اهتمام الأئمة علیهم السلام ببیان ما تحتاج إلیه الأمة واجتهاد العلماء واهتمامهم بنقل ما وصل إلیهم من أئمتهم سلام الله علیهم أجمعین)(3) انتهی کلامه قدس الله روحه.


1- ما زال الکلام للمیرزا الأصفهانی.
2- منهم المیرزا القمی حیث قال فی کتابه (قوانین الأصول ص155) (الأحکام الشرعیة کلها توقیفیة ومنها الصحة والأصل عدمها وعدمها یکفی فی ثبوت الفساد وإن کان هو أیضا من الأحکام الشرعیة لان عدم الدلیل دلیل علی العدم)، ومنهم المحقق البحرانی فی کتابه (الحدائق الناضرة ج1 ص45) حیث قال: (فالمجتهد إذا فحص وفتش عن الأدلة الشرعیة ولم یقف علی دلیل ذلک الحکم یجب عنده الجزم بنفی ذلک الحکم ویکون التمسک بالبراءة الأصلیة علی نفیه، کما قالوا: عدم وجود المدرک للحکم الشرعی مدرک شرعی لعدم الحکم، وبعبارة أخری عدم وجود الدلیل دلیل علی العدم)، وقد ألف السید الشریف المرتضی رسالة خاصة اسماها (مسألة فی عدم الدلیل دلیل العدم) وقد ذکرها آقا بزرگ الطهرانی فی کتابه (الذریعة: ج20 ، ص390).
3- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص337 __ 336.

ص: 35

أقول: فیکون کل من ادعی السفارة الخاصة فی زمن الغیبة الکبری قد ادعی ما لیس له دلیل صحیح یصدق إرساله وسفارته الخاصة، وکل ما لیس فیه دلیل یبطل من أساسه، ویرد به علی قائله، ویکون مشمولا بقول الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه:

«وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم».

الدلیل الثانی: ما قاله الشیخ النعمانی حول ارتفاع أعلام السفراء

روی الشیخ الثقة الجلیل محمد بن إبراهیم النعمانی قدس الله روحه فی کتاب الغیبة بسند صحیح عن عبد الله بن سنان قال: (دخلت أنا وأبی علی أبی عبد الله علیه السلام فقال کیف أنتم إذا صرتم فی حال لا ترون فیها إمام هدی ولا علما یری؟ فلا ینجو من تلک الحیرة إلا من دعا بدعاء الغریق فقال أبی: هذا والله البلاء فکیف نصنع جعلت فداک حینئذ، قال علیه السلام: إذا کان ذلک ولم تدرکه فتمسکوا بما فی أیدیکم حتی یصح لکم الأمر)(1).

وقال الشیخ النعمانی معلقا علی هذا الحدیث بما نصه: (وفی حدیث عبد الله بن سنان دلالة علی ما جری وشهادة بما حدث من أمر السفراء الذین کانوا بین الإمام صلوات الله وسلامه علیه وبین الشیعة من ارتفاع أعیانهم، وانقطاع نظامهم، لأن السفیر بین الإمام فی حال الغیبة وبین شیعته هو العلم فلما تمت المحنة علی الخلق،


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص162، الباب العاشر الفصل الثانی الحدیث رقم 5، کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص349، الباب الثالث والثلاثون، الحدیث رقم40.

ص: 36

ارتفعت الأعلام ولا تری حتی یظهر صاحب الحق علیه السلام ووقعت الحیرة التی ذکرت، وآذننا بها، وصح أمر الغیبة التی یأتی شرحها وتأویلها فیما یأتی من الأحادیث بعد هذا الفصل نسأل الله أن یزیدنا بصیرة وهدی ویوفقنا لما یرضیه برحمته)(1) انتهی کلامه رفع الله فی الخلد مقامه.

الدلیل الثالث: الأمر بالبقاء والتمسک بما علیه المؤمن حتی یتبین الأمر

ما رواه الشیخ الصدوق رحمه الله تعالی بسند صحیح عن زرارة عن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه قال:

«یأتی علی الناس زمان یغیب عنهم إمامهم قلت له: ما یصنع الناس فی ذلک الزمان،قال: یتمسکون بالأمر الذی هم علیه حتی یتبین لهم»(2).

ففی حال حصول فتنة واضطراب اجتماعی أو عقائدی لابد للمؤمن ووفقا لهذا الحدیث الشریف أن یبقی علی الاعتقاد والموقف القدیم الذی کان یعتقده قبل حصول الفتنة، لان الموقف القدیم والاعتقاد القدیم هو متیقن الصحة وما یصدر فی زمن الفتنة هو مشکوک الصحة لا یدری أحق هو أم باطل،فالعقل السلیم والفطرة المستقیمة یوجبان علی الإنسان أن یبقی علی ما هو متیقن منه ولا ینقض یقینه بالشک.

أما ما هو الأمر الذی یجب أن نثبت علیه ونتمسک به؟ فهو الأمر الذی أسس أساسه الأنبیاء علیهم السلام وخط نهجه الأئمة علیهم السلام ، وهو أمر السفارة والنیابة العامة


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص164 – 165، فی الفصل الثانی من الباب العاشر ما روی فی غیبة الإمام المنتظر الثانی عشر.
2- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص350، الباب الثالث والثلاثون الحدیث رقم44.

ص: 37

والمرجعیة الدینیة التی سار علیها القدماء من علمائنا الأعلام منذ بدء الغیبة الکبری إلی الیوم.

 فلو علم أولئک الأعلام دینا ومذهبا وطریقة أهدی من هذه التی نحن علیها لاتبعوها، فمنهجهم إذاً منهج متیقن الصحة، وما استحدث من الأفکار والآراء والرایات متیقن الخطأ أو لا اقل مشکوک الصحة فینبغی عقلا وشرعا التوقف عندها والرجوع إلی من أمرنا الله تعالی بالرجوع إلیهم وأمرنا الإمام سلام الله علیه بالرجوع إلیهم ألا وهم علماء الدین ورواة أحادیثهم فی هذا العصر.

الدلیل الرابع: الأمر بالبقاء علی المعتقد القدیم حتی یظهر الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه

ما رواه الشیخ الصدوق قدس الله روحه فی کتابه کمال الدین، والشیخ النعمانی فی غیبته عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله صلوات الله وسلامه علیه:

«یأتی علی الناس زمان یصیبهم فیه سبطة یأرز العلم فیها بین المسجدین کما تأرز الحیة فی جحرها... فبینما هم کذلک إذ أطلع الله عز وجل لهم نجمهم، قال: قلت: وما السبطة قال علیه السلام الفترة والغیبة لإمامکم قال: قلت فکیف نصنع فی ما بین ذلک؟ فقال کونوا علی ما أنتم علیه حتی یطلع الله لکم نجمکم»(1).

والمراد بطلوع النجم ظهور الإمام صلوات الله وسلامه علیه والدلیل علی ذلک ما رواه الشیخ النعمانی قدس الله روحه بإسناده عن أبان بن تغلب عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه أنه قال:


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص349، الباب الثالث والثلاثون ما اخبر به الصادق علیه السلام من وقوع الغیبة، کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص162، الباب العاشر الفصل الثانی.

ص: 38

«یا أبان یصیب الناس سبطة إلی أن قال: قلت: جعلت فداک فکیف نصنع، وکیف یکون ما بین ذلک؟ قال: فقال علیه السلام لی: إلی ما أنتم علیه حتی یأتیکم الله بصاحبها»(1).

ویدل علی ذلک أیضا وما رواه ثقة الإسلام محمد بن یعقوب الکلینی قدس الله روحه بسند صحیح عن مولانا أبی جعفر الباقر صلوات الله وسلامه علیه قال:

«إنما نحن کنجوم السماء کلما غاب نجم طلع نجم حتی إذا أشرتم بأصابعکم وملتم بأعناقکم غیب الله عنکم نجمکم فاستوت بنو عبد المطلب فلم یعرف أی من أی فإذا طلع نجمکم فاحمدوا ربکم»(2).

وروی النعمانی قدس الله روحه أیضا بإسناده عن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه عن آبائه صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله:

«مثل أهل بیتی مثل نجوم السماء، کلما غاب نجمٌ طَلَعَ نجم حتی إذا نجم منها طلع فرمقتموه بالأعین وأشرتم إلیه بالأصابع، أتاه ملک الموت فذهب به، ثم لبثتم فی ذلک سبتا من دهرکم، واستوت بنو عبد المطلب، ولم تدر أی من أی، فعند ذلک یبدو نجمکم فاحمدوا الله واقبلوه»(3).

قال المیرزا محمد تقی الأصفهانی: (وقد ظهر بعون الله وببرکة أولیائه من هذه الروایات الصحیحة المعتبرة أنه لا یجوز لأحد تصدیق من یدعی النیابة الخاصة فی زمان الغیبة الکبری)(4).


1- کتاب الغیبة للشیخ النعمانی: ص163.
2- الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص338، باب فی الغیبة الحدیث رقم 8.
3- کتاب الغیبة للنعمانی: ص157.
4- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص340.

ص: 39

الدلیل الخامس: أمر المؤمن بالبقاء علی حب من کان یحب وولاء من کان یتولی إلی وقت الظهور

ویدل علی انقطاع السفارة فی الغیبة الکبری أیضا ما رواه الصدوق قدس الله روحه بإسناده، عن عمر بن عبد العزیز، عن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه قال:

«إذا أصبحت وأمسیت لا تری إماما تأتم به، فأحبب من کنت تحب، وابغض من کنت تبغض، حتی یظهره الله عز وجل»(1).

وروی الکلینی قدس الله روحه أیضا فی أصول الکافی بإسناده عن منصور عمن ذکره عن أبی عبد الله علیه السلام قال:

«قلت: إذا أصبحت وأمسیت لا أری إماما أَأْتَمّ به ما أصنع؟ قال علیه السلام فأحب من کنت تحب وأبغض من کنت تبغض حتی یظهره الله عز وجل»(2).

وروی النعمانی بإسناده عن محمد بن منصور الصیقل، عن أبیه منصور قال: قال أبو عبد الله صلوات الله وسلامه علیه:

«إذا أصبحت وأمسیت یوما لا تری فیه إماما من آل محمد فأحب من کنت تحب، وأبغض من کنت تبغض ووال من کنت توالی، وانتظر الفرج صباحا ومساء»(3).

فالمؤمن قبل ان یخرج مدعی السفارة فی الغیبة الکبری کان لا یعتقد بوجود سفیر للإمام المهدی علیه السلام وان السفارة قد ختمت بموت الشیخ السمری رحمه الله، وهذا هو الاعتقاد القدیم،فإذا خرج مدعی السفارة وجاء باعتقاد حادث، فیجب علی


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص348.
2- الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص342، باب فی الغیبة الحدیث رقم 28.
3- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی ص161 الباب العاشر الفصل الثانی.

ص: 40

المؤمن الموالی حینئذ وعملا بالروایات السابقة ان یبقی علی اعتقاده القدیم وعدم التصدیق بما استجد من دعوی السفارة(1).

قال المیرزا محمد تقی الأصفهانی: (أقول: هذه الروایات تأمرنا بأن لا نتبع فی زمن الغیبة أحدا یدعی الإمامة أو البابیة، والنیابة الخاصة إلی أن یظهر الله تعالی ولیه المنتظر عجل الله له الفرج فإن قوله علیه السلام فأحب من کنت تحب إلی آخره کنایة عن وجوب ترک المحبة، والمتابعة لمن یدعی لنفسه مرتبة خاصة من الإمامة، والنیابة الخاصة، فی زمن الغیبة التامة یعنی إن ادعی مدع لنفسه مقاما خاصا فلا تواله ولا تجبه إلی شیء ومعنی هذا تکذیب دعواه کما لا یخفی علی ذوی الأفهام العارفین بأسالیب الکلام)(2).

ویمکن لنا ونحن نعیش عصر الغیبة الکبری ونری الفتن تهجم علینا ساعة بعد ساعة ویضمحل فیها الإیمان فی قلوب الناس یوما بعد یوم، أن نطبق هذه الأحادیث الشریفة علی حیاتنا، وینبه بعضنا بعضا علی عدم الإسراع بتصدیق أصحاب الأهواء المستحدثة وأرباب البدع المضلة وقادة الرایات الضالة والبقاء علی ما هم علیه والثبات علی ذلک، لأننا قد رأینا بالتجربة أن کل تلکم الرایات سرعان ما خفت صوتها وانکشف أربابها واضمحلت أفکارها وهلک من اتبعها وسقط فی الفتنة والامتحان من صدق بها، فلا ینبغی علی المؤمن ان یستعجل الفرج ویستجیب لکل من هب ودب فإن فی ذلک الهلاک الأکید.


1- قد أشبعنا هذه الأحادیث بحثا فی کتابنا منقذ الأخوان من فتن وأخطار آخر الزمان فمن أراد التوسع فلیرجع إلی هناک.
2- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص341.

ص: 41

فقد روی عن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه قال:

«الغبرة علی من أثارها(1)، هلک المحاضیر فقیل له جعلت فداک وما المحاضیر قال المستعجلون(2)»(3).

وفی هذه الروایة ما لا یخفی من النهی عن الوقوع تحت تأثیر الأحاسیس الآنیة، والتسرع فی الجری وراء کل فتنة، وعدم التأنی والتأمل فی العواقب، والاستعجال فی بذل النصرة لکل من هب ودب، قبل حصول العلامات التی من أهمها الصیحة والسفیانی.

الدلیل السادس: لا یطلع علی مکان الإمام المهدی علیه السلام ولی ولا غیره

ویدل أیضا علی صدق انقطاع السفارة والنیابة بعد موت السفیر الرابع قدس الله روحه ما روی عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه حیث قال:

«إنّ لصاحب هذا الأمر غیبتین إحداهما تطول حتّی یقول بعضهم مات وبعضهم یقول قُتل وبعضهم یقول ذهب، فلا یبقی علی أمره من أصحابه إلاّ نفر یسیر، لا یطلع علی موضعه أحد من ولیّ ولا غیره، إلاّ المولی الذی یلی أمره»(4).


1- الغبرة مبتدأ وعلی من أثارها خبر أی واقعة علیه وهذا الکلام بمنزلة المثل أی ان من یثیر الغبار یقع علیه آثاره کما ان من یثیر الفتنة او یکون طرفا فیها یقع علیه آثارها من الهلاک والسقوط فی التمحیص الذی یتعرض له کل الناس قبل خروج الإمام علیه السلام لیضل من ضل عن بینة وینجو من نجا عن بینة وتوفیق من ربه سبحانه وتعالی.
2- أی المستعجلون للفرج والخروج قبل أوانه وقبل حصول شرائطه وعلاماته، ولیس المقصود من الخبر النهی عن الدعاء بتعجیل الفرج لولی الله الأعظم أرواحنا فداه.
3- الکافی للشیخ الکلینی: ج8، ص373، ومکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص178.
4- کتاب الغیبة للشیخ النعمانی: ص176، الباب العاشر الفصل الرابع الحدیث رقم 5.

ص: 42

قال الشیخ النعمانی معلقا علی هذه الروایة:

(هذه الأحادیث التی یذکر فیها أنّ للقائم صلوات الله وسلامه علیه غیبتین أحادیث قد صحّت عندنا بحمد الله وأوضح الله قول الأئمّة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، وأظهر برهان صدقهم فیها، فأمّا الغیبة الأولی فهی الغیبة التی کانت السفراء فیها بین الإمام صلوات الله وسلامه علیه وبین الخلق قیاماً منصوبین ظاهرین موجودی الأشخاص والأعیان، یخرج علی أیدیهم غوامض العلم، وعویص الحکم والأجوبة عن کلّ ما کان یسأل عنه من المعضلات والمشکلات، وهی الغیبة القصیرة التی انقضت أیّامها، وتصرّمت مدّتها، والغیبة الثانیة هی التی ارتفع فیها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الذی یریده الله تعالی، والتدبیر الذی یمضیه فی الخلق، ولوقوع التمحیص والامتحان والبلیّة والغربلة والتصفیة علی مَن یدّعی هذا الأمر، کما قال الله عزّ وجلّ:

((مَا کَانَ اللَّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَمَا کَانَ اللَّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَی الْغَیْبِ))(1).

وهذا زمان ذلک قد حضر، جعلنا الله فیه من الثابتین علی الحقّ، وممّن لا یخرج فی غربال الفتنة، فهذا معنی قولنا: (له غیبتان)، ونحن فی الأخیرة نسأل الله أن یقرّب فرج أولیائه منها ویجعلنا فی حیز خیرته وجملة التابعین لصفوته ومن خیار من ارتضاه وانتجبه لنصرة ولیه وخلیفته فانه ولی الإحسان جواد منان)(2).


1- سورة آل عمران الآیة رقم: 179.
2- کتاب الغیبة للشیخ محمد بن إبراهیم النعمانی: ص179.

ص: 43

الدلیل السابع: لا معارض لانقطاع السفارة فی الغیبة الکبری من علماء الطائفة

ویدل علی انقطاع السفارة فی زمن الغیبة الکبری ما قاله الشیخ المفید فی کتاب الإرشاد فی باب ذکر القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف: (وله قبل قیامه غیبتان: إحداهما أطول من الأخری، کما جاءت بذلک الأخبار، فأمّا القصری منهما منذ وقت مولده إلی انقطاع السفارة بینه وبین شیعته وعدم السفراء بالوفاة. وأمّا الطولی فهی بعد الأولی وفی آخرها یقوم بالسیف)(1).

وهو عین ما قال به الشیخ الطبرسی(2)، وما ذهب إلیه العلامة الحلی(3)، وقد نقله صاحب البحار مقرا به ولم یعلق علیه(4)، وکذلک فعل ابن الصباغ المالکی فی الفصول المهمة(5)، وابن أبی فتح الأربلی فی کشف الغمة(6)، وآخرون أمثال السید هاشم البحرانی (7)، والشیخ علی الیزدی الحائری فی کتابه إلزام الناصب فی إثبات الحجة الغائب(8)، والسید محسن الأمین العاملی(9)، وغیرهم العشرات من الذین


1- الإرشاد للشیخ المفید: ج2، ص340، فی تاریخ الإمام المهدیعلیه السلام.
2- تاج الموالید للشیخ الطبرسی ص65 فی ذکر الغیبة الصغری والکبری.
3- المستجاد من الإرشاد للعلامة الحلی: ص232 __ 233، فی ذکر الإمام القائم الحجة بن الحسن عجل الله تعالی فرجه الشریف.
4- بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج51، ص23 __ 24، فی الأقوال فی ولادته عجل الله تعالی فرجه الشریف.
5- الفصول المهمة فی معرفة الأئمة لابن الصباغ المالکی: ج2، ص1100، فی الفصل الثانی عشر فی ذکر أبی القاسم محمد الحجة الخلف الصالح.
6- کشف الغمة لابن أبی الفتح الأربلی: ج3، ص244، فی مولد الإمام المنتظر وغیبته علیه السلام.
7- مدینة المعاجز للسید هاشم البحرانی: ج8، ص6، الباب الثانی عشر فی معاجز الإمام الثانی عشر.
8- إلزام الناصب فی إثبات الحجة الغائب للشیخ علی الیزدی الحائری: ج1، ص286.
9- أعیان الشیعة للسید محسن الأمین: ج2، ص46، فی غیبته عجل الله تعالی فرجه الشریف.

ص: 44

ذکروا ما نص علیه الشیخ المفید وأودعوه کتبهم ولم یعترضوا علیه أو یردوه، مما یدل بوضوح علی ان أمر انقطاع السفارة والنیابة الخاصة من بعد الشیخ السمری هو مما اجمع ولا معارض له قدیما وحدیثا، اللهم إلا شرذمة قلیلة من الضالین المضلین ممن انکشف للناس عامة سوء أهدافهم وخبث نوایاهم.

الدلیل الثامن: إجماع الطائفة منعقد علی انقطاع السفارة فی الغیبة الکبری

ومما یدل علی بطلان کل سفارة خاصة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بعد وفاة الشیخ السمری وقبل الصیحة والسفیانی هو الإجماع من قبل الفرقة الناجیة قدیما وحدیثا علی ان کل من یدعی السفارة بعد الشیخ السمری قدس الله روحه وقبل السفیانی والصیحة فهو کذاب ضال لا تصدق دعوته ولا یؤخذ بقوله وعلی ذلک جری الشیعة وعلماؤهم طیلة العصور المتتابعة، ونبذوا کل من ادعی الوساطة والاتصال بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، فقد روی الشیخ الطوسی عن المفید محمد بن محمد بن النعمان عن أبی الحسن عن بلال المهلبی قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولویه یقول: (عندنا ان کل من ادعی هذا الأمر بعد السمری رحمه الله تعالی فهو کافر متنمس ضال مضل)(1).

ولم یعترض علی هذا القول لابن قولویه رحمه الله احد من علمائنا الأعلام قدیما وحدیثا وعلی هذا التسلیم بانقطاع السفارة جرت کلمة الشیعة، وأصبح هذا الأمر من بدیهیات المذهب، ولذلک قال المیرزا محمد تقی الأصفهانی:

(اعلم أنه اتفقت الإمامیة علی انقطاع الوکالة، واختتام النیابة الخاصة، بوفاة الشیخ الجلیل علی بن محمد السمری رضی الله عنه وهو الرابع من النواب


1- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص412. بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج51، ص378.

ص: 45

الأربعة، الذین کانوا مرجعا للشیعة فی زمان الغیبة الصغری، وأنه لیس بعد وفاة السمری إلی زمان ظهور الحجة عجل الله تعالی فرجه الشریف نائب مخصوص عنه فی شیعته، وأن المرجع فی زمان غیبته الکبری هم العلماء العاملون، الحافظون لحدود الله وأن من ادعی النیابة الخاصة فهو کاذب مردود بل یعد ذلک من ضروریات مذهب الإمامیة التی یعرفون بها، ولم یخالف فی ذلک أحد من علمائنا، وکفی بهذا حجة وبرهانا)(1).

فمدعی السفارة بعد الشیخ السمری بناء علی ما تقدم هو شاذ عن إجماع الشیعة لأنه مدع لغیر ما تسالمت علیه کلمتهم، وعلیه فمن الجهل بمکان ان یترک ما هو مجمع علی العمل به منذ مئات السنین، ویؤخذ بدعوی مستحدثة لا یدری من وراءها ومن یمولها وممن تستقی أفکارها، فکل ما یحیط بأفکار مدعی السفارة وأشخاصه ورموزه فی کل العصور السابقة والحاضرة مجهول غیر واضح کما لا یخفی لمن تتبع حالهم لا غفر الله لهم.

وفیما ذکرناه من أدلة کفایة لمتدبر یفهم الکلام ویزنه بمیزان العقل والمنطق.

المبحث الرابع: فائدة عدم تحدید وقت لانتهاء الغیبة الکبری فی توقیع السمری

اشارة

ان التوقیع المقدس لم یضع سقفا زمنیا محددا لهذه الغیبة التامة وان موعد الظهور النهائی للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه موکول إلی علم الله سبحانه وتعالی وحده وهو المفهوم من قوله صلوات الله وسلامه علیه:

«فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل».


1- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص333.

ص: 46

وهذا الذی جاء فی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه موافق لجملة من الروایات الشریفة التی تنص بجمیعها علی ان التوقیت لخروج الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لم یکن یصرح به من قبلهم صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ومن هذه الروایات ما یأتی: عن عبد الرحمن بن کثیر قال:

«کنت عند أبی عبد الله علیه السلام إذ دخل علیه مهزم، فقال له: جعلت فداک أخبرنی عن هذا الأمر الذی ننتظر، متی هو فقال: یا مهزم کذب الوقاتون وهلک المستعجلون ونجا المسلِّمون»(1).

وعن أبی بصیر، عن أبی عبد الله علیه السلام قال:

«سألته عن القائم علیه السلام فقال: کذب الوقاتون، إنا أهل بیت لا نوقت»(2).

وعن الفضل بن یسار، عن أبی جعفر صلوات الله وسلامه علیه قال:

«قلت: لهذا الأمر وقت؟ فقال کذب الوقاتون، کذب الوقاتون، کذب الوقاتون، إن موسی علیه السلام لما خرج وافدا إلی ربه، واعدهم ثلاثین یوما، فلما زاده الله علی الثلاثین عشرا، قال قومه: قد أخلفنا موسی فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناکم الحدیث فجاء علی ما حدثناکم [به] فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناکم الحدیث فجاء علی خلاف ما حدثناکم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتین»(3).

ولهذا الإخفاء لتاریخ الظهور فائدتان مهمتان.


1- الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص368، باب کراهیة التوقیت.
2- نفس المصدر السابق.
3- الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص368 __ 369، باب کراهیة التوقیت.

ص: 47

الفائدة الأولی: لإبقاء حالة الاستعداد والترقب الدائم عند القاعدة الموالیة

ترتبط بالقاعدة الموالیة للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لان إهمال الوقت له تأثیر بالغ علی نفسیة المنتظرین فان مع الإهمال یبقی الشخص المنتظر فی رجاء دائم لقرب وقوع الفرج وحصول الظهور فهو فی ترقب للخلاص فی کل زمان، ولولا هذا الرجاء لقست القلوب ولاستطالت النفوس هذه المدة الطویلة، ویؤید هذا المعنی روایة علی بن یقطین قال:

«قال لی أبو الحسن علیه السلام یا علی ان الشیعة تربی بالأمانی منذ مائتی سنة»(1).

ومثلها قول یقطین لابنه علی: (ما بالنا قیل لنا فکان وقیل لکم فلم یکن؟ فقال له علی: ان الذی قیل لکم ولنا من مخرج واحد غیر ان أمرکم حضرکم فأعطیتم محضه وکان کما قیل لکم، وان أمرنا لم یحضر فعللنا بالأمانی، ولو قیل لنا ان هذا الأمر لا یکون إلی مائتی سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجعت عامة الناس عن الإسلام، ولکن قالوا ما أسرعه وما أقربه تألفاً لقلوب الناس وتقریباً للفرج)(2).

الفائدة الثانیة: لکی لا تضرب الثورة المهدویة فی بدایة ظهورها وانطلاقها

مرتبطة بالطرف المعادی لقضیة الإمام المهدی أرواحنا فداه فان الغیبة الکبری التامة لو حدد لنهایتها تاریخ معین لکان من السهل علی أعداء الإمام المهدی ان یعدوا العدة ویستجمعوا کامل طاقتهم فی سبیل ضرب ثورة الإمام المهدی


1- الغیبة للشیخ الطوسی: ص342 _343، فصل فی العلة المانعة من ظهور الحجة الحدیث رقم292.
2- الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص369، باب التمحیص والامتحان الحدیث رقم 6. کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص342، فصل فی العلة المانعة من ظهور الحجة الحدیث رقم 292. وکتاب الغیبة للنعمانی: ص306، الباب السادس عشر الحدیث 14.

ص: 48

عجل الله تعالی فرجه الشریف فی بدایة ظهوره وانطلاقه، فمن غیر الحکمة والحال هذه ان یوضع حد وتاریخ مشخص لعملیة الظهور النهائی من الغیبة الکبری.

المبحث الخامس: صعوبة الظروف التی ستکتنف الغیبة الکبری

ان هذا التوقیع المقدس أوضح وبشکل مجمل الظروف الصعبة التی ستتسم بها مرحلة ما بعد وفاة السفیر الرابع علیه الرحمة والرضوان، فطول الأمد وامتداد هذه الغیبة إلی سنین لا یعلم مبلغ عددها إلا الله سبحانه سیؤدی من ثم إلی الابتعاد المتزاید عن الخط النقی الصافی والمعین العذب للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وهذا الابتعاد سیؤدی بدوره إلی قسوة قلوب الأغلب من معاصری هذه الغیبة الکبری واسودادها، فیکونون بذلک قد شابهوا من سبقهم من الأمم السالفة التی وصف القرآن الکریم حالهم بقوله:

((أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِکْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا یَکُونُوا کَالَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ))(1).

وهذه القسوة فی القلوب هی التی سینتج عنها الظلم والجور الذی سیعانی منه الناس فی زمن غیبة إمامهم الکبری، وکلما امتدت الغیبة أکثر کلما قست القلوب أکثر، وکلما قست القلوب أکثر کلما اتسعت رقعة الجور وامتد نطاق الظلم إلی أن تمتلئ الأرض به وتضیق، وهذا ما أشار إلیه الإمام صلوات الله وسلامه علیه بقوله:

«وذلک بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا».


1- سورة الحدید، الآیة: 16.

ص: 49

المبحث السادس: ظهور السفراء المدعین الکاذبین

اشارة

تلک القسوة فی القلوب والتی سیصاب بها الناس فی عصر غیبة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، والتی ستنشأ نتیجة الابتعاد المتزاید عن خط الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، ولضعف الوازع الدینی، ولانعدام التقوی والإیمان فی نفوس بعض الافاکین، الذین طال علیهم الأمد فقست قلوبهم فهی کالحجارة، سیظهر نتیجة لکل ذلک وغیره مجموعة من الأشخاص الذین سیحاولون بشتی الوسائل تشویش تلک الأفکار النقیة الصافیة الموروثة عن أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، علی القاعدة الموالیة والمؤمنة بفکرة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وإبدالها بأفکار مبتدعة وأطروحات شاذة ومخالفة لما أجمع علیه علماء المذهب وأساطینه، مستفیدین فی کل ذلک من روایات ضعیفة، أو معارضة بغیرها، أو حمالة وجوه مختلفة، ومعتمدین لإثبات باطلهم بنصوص یقتطعون منها ما یلائم أغراضهم ویخدم مصالحهم ویترکون بقیة النص الذی ان ذکر بأکمله بانت معائبهم وظهر للناس کذبهم، وهؤلاء هم الذین اخبر الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه عن خروجهم وظهورهم بقوله:

«وسیأتی شیعتی، أو من شیعتی(1)من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر».

ولا یخفی ان فی قوله صلوات الله وسلامه علیه (وسیأتی من شیعتی) تصریحاً واضحاً


1- ذکرت عبارة (وسیأتی من شیعتی من یدعی المشاهدة) فی عدة من المصادر منها کتاب الصراط المستقیم لعلی بن یونس العاملی المتوفی سنة 877 للهجرة ج2 ص236. وفی بحار الانوار للعلامة المجلسی ج52 ص151 تحت عنوان التوقیع الذی خرج إلی أبی الحسن السمری.

ص: 50

علی أن أغلب أو کل من سیدعی المشاهدة فی زمن الغیبة الکبری هم من الشیعة الذین یتصفون ظاهرا بالولاء والانتساب لمذهب أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، أما باطنا فکل همهم هو هدم التشیع من أساسه وکسب بعض الفوائد الدنیویة الرخیصة.

وکذلک یوضح توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه بان هذه السفارات الکاذبة المزیفة هی التی ستشکل خطراً حقیقیاً علی القاعدة الموالیة والمنتظرة لصاحب العصر والزمان صلوات الله وسلامه علیه، لأن غیر الشیعة محلول أمرهم وهین لاعتبارین:

الاعتبار الأول: لعدم اعتقاد غیر الشیعة ان للإمام المهدی علیه السلام وجوداً خارجیاً

هو أن غیر الشیعی __ من أبناء العامة خصوصاً __ لا یمکن أن یدعی المشاهدة والسفارة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، لعدم إیمانهم بأن للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه تحققا فی الخارج، وذلک لاعتقادهم بعدم ولادته صلوات الله وسلامه علیه فی الوقت الحاضر وأنه سیولد فی آخر الزمان، وعلیه فظهور شخص منهم یدعی مشاهدته والنیابة الخاصة عنه هو احتمال فی غایة الضعف، ولا یعتد به، وعلی تقدیر ظهوره فانه لا یشکل أدنی خطر علی الموالین المنتظرین.

الاعتبار الثانی: لان آراء المخالفین لا تجد قبولا فی أوساط الموالین

هو أن مدعی الرؤیة والمشاهدة من غیر الشیعة لن یجد له أرضیة ووقعا فی قلوب الموالین للإمام للمهدی صلوات الله وسلامه علیه، لوجود حالة التخوف والتوقف من قبول آراء کل من لا یعلن الولاء لأهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین وادعاءاتهم.

ص: 51

المبحث السابع: المشاهدة المنفیة هی المقترنة بدعوی السفارة لا غیر

اشارة

الظاهر من سیاق التوقیع الشریف ومن القرائن الحالیة والمقالیة أن المشاهدة المنفیة فی قوله صلوات الله وسلامه علیه: (وسیأتی إلی شیعتی، أو من شیعتی من یدعی المشاهدة)، هی تلک التی تتناسب مع مضمون نفس التوقیع ومحتواه، لأن الروایة کما بیّنا سابقاً تؤکد علی وقوع حقیقتین مهمتین:

إحداهما: هو انتهاء فترة الغیبة الصغری وابتداء مرحلة الغیبة التامة.

والأخری: غلق باب السفارة الخاصة وعدم الوصایة لأحد من بعد السمری.

فیصبح معنی المشاهدة المنفیة والمکذب صاحبها فی التوقیع المقدس هی تلک المشاهدة المقیدة بعدم التعارض مع الغیبة التامة، وعدم ادعاء السفارة الخاصة بعد الشیخ السمری قدس الله روحه، ویدل علی هذا الأمر عدة أمور منها:

الدلیل الأول: وجود لام العهد یصرف المعنی من العام إلی الخاص ومن المطلق إلی المقید

قد تقرر فی اللغة ان ذکر أفراد معهودة مسبقا فی صدر الکلام دلیل یوجب صرف المعنی العام اللاحق إلیها، ولا ریب فی ان الإمام المهدی علیه السلام قد ذکر أمورا وقضایا متعددة قبل حدیثه عن دعوی المشاهدة من قبیل أمره للسفیر الرابع رحمه الله بعدم الوصیة لأحد من بعد موته، وان الغیبة الثانیة أو التامة قد وقعت، وانه لا ظهور إلا بعد إذن الله تعالی، ومن ثم أعقب صلوات الله وسلامه علیه ذلک کله بقوله:

«وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة».

ص: 52

ولا یخفی ان کلمة المشاهدة معرفة بالألف واللام، وهذه اللام هی لام العهد، وذلک لان اللام فی الأصل لتعریف العهد کما نص علیه النحاة واللغویون(1) وهذا یوجب أن ینصرف المعنی إلی ما قد سبق من الأمر دون القول بعمومه لکل مشاهدة(2).

وفی هذا الصدد یقول المیرزا محمد تقی الأصفهانی: (والحاصل أن المراد بالمشاهدة هی المشاهدة المقیدة بکونها بعنوان البابیة والنیابة الخاصة مثل ما کان للسفراء الأربعة، الموجودین فی زمان الغیبة الصغری، لا مطلق المشاهدة فهو من باب ذکر المطلق، وإرادة المقید أو ذکر العام وإرادة الخاص وهذا النحو من الاستعمال کثیر شائع فی العرف واللغة کما تقول اشتریت اللحم أو اشتر اللحم وترید لحم الغنم بخصوصه لا مطلق اللحم والقرینة فی الکلام موجودة کما ذکرنا.

ومن هذا القبیل قوله عز وجل:

((قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَیْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ وَإِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ))(3).


1- راجع شرح الرضی علی الکافیة لرضی الدین الأسترآبادی: ج3 ، ص255.
2- قال المیرزا محمد تقی الأصفهانی فی مکیال المکارم: ج2، ص335 __ 336 (ولا شبهة بقرینة صدر الکلام فی أن المراد بدعوی المشاهدة هی المشاهدة علی نحو ما وقع للسفراء الأربعة، المحمودین المعروفین فی زمان الغیبة الأولی، وقد صرح بأن من ادعاها فی الغیبة الکبری فهو کذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العظیم).
3- سورة آل عمران، الآیة: 84.

ص: 53

فإن الأسباط لفظ عام أرید به الخاص، لأن جمیع الأسباط لم ینزل علیهم کتاب، ولا وحی ولا حکم، وإنما نزل علی بعض منهم، وکذلک فی التوقیع الشریف أرید بالمشاهدة نحو خاص، کما بینا لک بعون الله تعالی)(1).

الدلیل الثانی: التوقیع یتحدث عن المشاهدة التی تُستغل لتضلیل الجماهیر الموالیة

إنّ فی قوله صلوات الله وسلامه علیه: (وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة) دلیلاً علی ان من یدعی المشاهدة والذی أمرنا بتکذیبه وعدم التصدیق به هو ذلک الذی یدعیها أمام الشیعة أو یدعیها لعموم الشیعة، مما یعنی انه یصرح علنا وبشکل جماهیری واسع النطاق بأنه یشاهد الإمام وذلک لیکسب دعوته الباطلة مدا جماهیریا وشعبیا، ولیضفی علیها شرعیة، ولیوهم الناس بانتسابها للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه.

أما من یدعی المشاهدة من دون سفارة ولا نیابة فلا یکون لادعائه سعة واتساع بحیث یقال عنه بأنه أتی إلی الشیعة وادعی المشاهدة، ولأنه قد جرت العادة حتی أصبح متعارفا لکل الناس بان کل من ادعی المشاهدة فی عصر الغیبة الکبری من دون دعوی السفارة فانه یتکتم علی مشاهدته، وقد یستحیل فی کثیر من الأحیان الاطلاع علیها من أقرب المقربین لهم، وإذا حدثوا بها فانهم یحرصون علی تضییق حلقة الذین یکشف أمامهم هذا السر، وهذا المعنی لا یمکن ان یقال عنه (وسیأتی شیعتی أو إلی شیعتی من یدعی المشاهدة)، لان فی قوله صلوات الله وسلامه علیه إلی شیعتی دلیلاً علی ان السامعین للدعوة الکاذبة عموم الشیعة أو الأغلب کما لا یخفی لمن له ذوق ومعرفة بأسالیب کلام العرب.


1- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص336.

ص: 54

الدلیل الثالث: المشاهدة مع دعوی السفارة تتنافی ومفهوم الغیبة الکبری

ان المشاهدة المجردة من دعوی السفارة لا تنافی فیما بینها وبین ما نفهمه من مفهوم الغیبة التامة، لأن معنی التامة هو عدم وجود أی ارتباط واضح وبیّن مع الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بحیث یمکن الوصول من خلاله إلی الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وطالما کانت کذلک فانه لا یوجد دلیل یمنع منها أو یحرمها، لتوافقها مع مضمون توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه.

ولکن التنافی حاصل ما بین مفهوم الغیبة التامة وما بین ادعاء المشاهدة مع النیابة الخاصة والسفارة، لان وجود السفیر معناه وجود الارتباط الذی یمکن من خلاله الوصول إلی الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، ومثل هذه المشاهدة التی تعد خطرا حقیقیا علی الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه وعلی غیبته فإن الأدلة العقلیة والشرعیة تقف قبالها مانعة من تحققها.

الدلیل الرابع: المشاهدة مع ادعاء السفارة وسیلة من وسائل التضلیل للموالین

إن الأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ومنهم الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، قد حرصوا وبشدة،علی حفظ الکتلة الموالیة لهم، والمؤمنة بهم، من أی انحراف قد یوقعون فیه أنفسهم، أو یوقعهم الآخرون فیه،وانطلاقا من هذه القاعدة المهمة، نجد أنّ الخوف کل الخوف، هو ممن یدعی المشاهدة مع دعوی السفارة والنیابة الخاصة، لأن هؤلاء الضالین، سیشوشون علی الناس معتقداتهم وأفکارهم، وسیستغلون حب الناس وتعاطفهم مع الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه وقضیته العادلة،فی سبیل خدمة مصالحهم الشیطانیة.

وسیکون خطرهم علی أتباع الأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین والموالین لهم، أکبر

ص: 55

بکثیر من الدجال الملعون وفتنتهم أعظم من فتنته، فعن یحیی الحضرمی قال:

«سمعت علیاً صلوات الله وسلامه علیه یقول کنا جلوساً عند النبی صلی الله علیه وآله وسلم وهو نائم فی حجری، فتذاکرنا الدجال فاستیقظ النبی صلی الله علیه وآله وسلم محمراً وجهه فقال: لغیر الدجال أخوف علیکم من الدجال الأئمة المضلون...»(1).

وما هذا الخوف من النبی الأعظم صلی الله علیه وآله وسلم إلا لان نوایا الدجال واضحة وعداءه للخط الموالی للإمام المهدی بَیّن لا لبس فیه، أما هؤلاء الأئمة المضلون فإن نفاقهم وخطرهم کامن خفی وأفکارهم الهدامة قد ألبسوها ثوب الولاء للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فخفی علی الناس تلبیساتهم وقبلوا منهم توجیهاتهم لاعتقادهم بأن لهؤلاء المضلین ارتباطا فعلیا بالإمام الثانی عشر المهدی صلوات الله وسلامه علیه.

أما دعوی المشاهدة مع عدم ادعاء السفارة فستکون علی العکس من ذلک تماماً، فهی مدعاة لتطمین الناس وتثبیت قلوبهم وتذکیرهم بأن الإمام المهدی أرواحنا فداه غیر ناسٍ لهم وغیر مهمل لمراعاة شؤونهم الخاصة والعامة.

فیتبین لنا من کل ما سبق أن المضمون العام للتوقیع الشریف، وکذلک الخط والتوجه العقائدی للأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین والقاضی بسد وإغلاق الباب بوجه أصحاب النفوس الضعیفة الذین یمکن أن یستغلوا مسألة السفارة والنیابة الخاصة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لإغواء الناس وإضلالهم، فیه دلیل کاف علی تخصیص کون المشاهدة المنهی عنها والمنفیة فی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه لا


1- الأمالی للشیخ الطوسی: ص512.

ص: 56

تتعدی إلی غیر المشاهدة المقترنة مع ادعاء السفارة والنیابة الخاصة، أما تلک المشاهدات واللقاءات الخالیة من ادعاء السفارة فمستثناة لعدم معارضتها لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه ولتضمنها حالة التثبیت لقلوب الموالین.

المبحث الثامن: إمکان المشاهدة مع ادعاء السفارة بعد الصیحة والسفیانی

اشارة

إن التوقیع الشریف ینص علی ان المشاهدة مع ادعاء السفارة والنیابة الخاصة ستکون متاحة وممکنة بعد تحقق علامتین مهمتین من علامات الظهور المقدس اللتین قد أوضحهما الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بقوله:

«ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر».

وفی هذه الفقرة مجموعة أمور لابد من توضیحها، منها ان التوقیع الشریف ینص وبشکل واضح بان المشاهدة وإمکانها متعلق بخروج السفیانی وصدور الصیحة، فلابد ان نحیط علما ببعض ما یتعلق بهاتین العلامتین:

العلامة الأولی: خروج السفیانی

لقد تحدثت الروایات الشریفة عنه بتفصیل أکثر من باقی الشخصیات التی ستسبق خروج الإمام المهدی علیه السلام، أو التی ستتزامن مع خروجه علیه السلام، ولعل السبب فی تفصیل الأخبار عنه وکثرتها هو الدور الخطیر الذی سیلعبه حینما یظهر والذی سنعرف بعضه فیما یأتی:

فی ان خروجه لعنه الله من المحتوم

 صرح عدد کبیر من الروایات الشریفة بان السفیانی وخروجه وحرکته هی

ص: 57

من قبیل الأمور المحتومة(1) فعن الفضیل بن یسار عن أبی جعفر علیه السلام قال:

«إن من الأمور أمورا موقوفة وأمورا محتومة، وإن السفیانی من المحتوم الذی لابد منه»(2).

وعن حمران بن أعین انه قال للإمام أبی جعفر الباقر صلوات الله وسلامه علیه:

«إنی لأرجو أن یکون أجل السفیانی من الموقوف فقال أبو جعفر علیه السلام: لا والله إنه لمن المحتوم»(3).

وحتی عبر فی بعضها بان الإخبار بخروج السفیانی هو من قبیل الوعد الإلهی والله سبحانه وتعالی لا یخلف المیعاد، وفی بعض الروایات جاء التصریح بأنه لا یکون قائم إلا بسفیانی فعن الإمام علی بن الحسین صلوات الله وسلامه علیه قال:

«إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفیانی حتم من الله، ولا یکون قائم إلا بسفیانی»(4).


1- قال الشیخ الطریحی فی مجمع البحرین: ج1، ص453: (الحتم: الواجب المعزوم علیه... وحتم علیه الأمر حتما: أوجبه جزما. وحتم الله الأمر: أوجبه. والحتم: إحکام الأمر. والحتم: إیجاب القضاء... وتحتم وجب وجوبا لا یمکن إسقاطه. ومنه الأمر المحتوم) وقد ورد فی الحدیث عن الفضیل بن یسار قال: سمعت أبا جعفر صلوات الله وسلامه علیه یقول: (العلم علمان فعلم عند الله مخزون لم یطلع علیه أحد من خلقه وعلم علمه ملائکته ورسله. فما علمه ملائکته ورسله، فإنه سیکون، ولا یکذب نفسه، ولا ملائکته ولا رسله، وعلم عنده مخزون، یقدم منه ما یشاء ویثبت ما یشاء) راجع الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص147 باب البداء الحدیث رقم 6.
2- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص313.
3- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص312 __ 313.
4- قرب الإسناد للحمیری القمی: ص374. بحار الأنوار للمجلسی: ج52، ص182. مسند الإمام الرضا للشیخ عزیز الله عطاردی: ج1، ص217.

ص: 58

فی نسب السفیانی علیه اللعنة ومحل خروجه وأوصافه

ذکرت الروایات الشریفة أنّ السفیانی منحدر من نسل أموی وبالتحدید من أولاد أبی سفیان لعنه الله والد معاویة وجد یزید لعنهما الله، وقد صرحت الروایات أیضا بأن هندا آکلة الأکباد هی جدته، ویکون خروجه من الشام من ارض سمیت فی الروایات الشریفة بالوادی الیابس، أما ملامحه وأوصافه البدنیة فهو رجل ربعة أی لا بالطویل ولا بالقصیر معتدل الطول ومتوسطه، وفی بعض الروایات وحش الوجه والوحش هو الردیء من کل شیء فیصبح المعنی ان السفیانی ردیء الشکل قبیح المنظر، ولعل وصفه بوحش الوجه جاء بسبب ان علامات الوحشیة والقسوة بادیة علی وجهه بحیث لا تخفی علی من یراه، أو لعل المعنی هو ان من یراه یستوحش منه ولا یستأنس بمشاهدته ولقیاه.

ومن أوصافه أیضا انه ضخم الهامة بوجهه اثر جدری والظاهر ان هذا الأثر جاءه نتیجة إصابته بهذا المرض قبل أیام ظهوره المشؤوم، أو لعل تلک الآثار جاءت نتیجة تشوه فی الخلقة قبل الولادة أو بعدها، ومن أوصافه أیضا ان فی إحدی عینیه خللا بحیث من یشاهده یحسبه اعور العین، وقد روی عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه انه قال:

«قال أبی صلوات الله وسلامه علیه قال أمیر المؤمنین صلوات الله وسلامه علیه: یخرج ابن آکلة الأکباد من الوادی الیابس وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدری إذا رأیته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبی سفیان»(1).


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص651.

ص: 59

 وعن عثمان عن عمر بن یزید قال: قال لی أبو عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه:

«إنک لو رأیت السفیانی لرأیت أخبث الناس»(1).

أسمه ومدة حکمه المشؤوم

 أما اسمه فقد ذکرت بعض الروایات ان اسمه هو عثمان بن عنبسة کما مر فی الروایة السابقة، ولکننا نجد فی روایات أخری حینما یُسأل الإمام صلوات الله وسلامه علیه عن اسم السفیانی فانه لا یعیر لاسمه أی أهمیة ویطلب من السائل الترکیز علی مواصفات أخری ومیزات ثانیة تعرف من خلالها شخصیة السفیانی، ولعل عدم الاکتراث لتبیان اسمه ناتج عن ان السفیانی ربما سیتخذ اسما آخر یختفی وراءه ویستتر به فیکون الترکیز علی الاسم وتبیانه لغوا.

فالمهم ان نعرف باقی میزاته التی بها یمکن تشخیصه، والتی منها ان السفیانی سیحکم خمس مناطق متجاورة وهی التی عبرت عنها الروایات بالکور الخمس، وان مدة حکمه وبقائه فی السلطة سیدوم ثمانیة أشهر لا یزید علیها یوما واحدا فعن عبد الله بن أبی منصور البجلی قال: سألت أبا عبد الله صلوات الله وسلامه علیه عن اسم السفیانی فقال:

«وما تصنع باسمه، إذا ملک کور الشام الخمس دمشق، وحمص، وفلسطین، و الأردن، وقنسرین فتوقعوا عند ذلک الفرج، قلت: یملک تسعة أشهر؟ قال: لا ولکن یملک ثمانیة أشهر لا یزید یوما»(2).


1- المصدر السابق.
2- المصدر السابق: ص651 -652.

ص: 60

وفی روایة أخری یوجد تفصیل أکثر وفیها زیادة فی مدة حکمه وهی التی عن عیسی بن أعین عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه أنه قال:

«... ومن أول خروجه إلی آخره خمسة عشر شهرا، ستة أشهر یقاتل فیها، فإذا ملک الکور الخمس ملک تسعة أشهر ولم یزد علیها یوما»(1).

ولا تعارض فی ما بین الروایتین الأولی والثانیة لاحتمال ان الروایة الأولی تتکلم عن مدة حکمه الفعلی، بینما الثانیة تتحدث عن ثمانیة أشهر التی هی مدة حکمه بإضافة شهر یکون بعد سقوط ملکه فیه بقایا آثار فتنته، شأنه فی ذلک شأن کل الدول او الحکومات التی یتم الإطاحة بها فان بعض آثارها تستمر حتی بعد الإطاحة بها ولفترة تطول أو تقصر، ولعل الروایة التالیة عن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه توضح هذا التفسیر والجمع بین الروایتین حیث یقول:

«... وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر ولا یجوزها ان شاء الله»(2).

وفی قوله (وإنما فتنته) دلالة واضحة علی ان فترة التسعة أشهر هی مدة حکمه بإضافة ما یستتبعها من آثار سیئة.

وتعلیق مدة حکم السفیانی بالإشاءة الإلهیة فی قول الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه: (لا یجوزها ان شاء الله) دلیل علی ان فترة التسعة أشهر هی أیضا فترة غیر نهائیة وغیر مجزوم بها علی نحو القطع فلربما زادت مدة حکمه وما یستتبعها من فتن علی التسعة أشهر وربما نقصت، وهذه الزیادة والنقصان تابعة


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص310.
2- المصدر السابق: ص312.

ص: 61

للظروف الموضوعیة التی ستحیط بحرکة السفیانی والتی سیکون لوح المحو والإثبات کفیلا بتحدیدها قال سبحانه وتعالی:

((یَمْحُوا اللَّهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْکِتَابِ))(1).

فیتضح لنا مما سبق ان أصل خروج السفیانی حتمی الوقوع لذلک وصف بأنه من المحتوم أما مدة حکمه فهی قابلة للزیادة والنقصان لذلک علقت علی المشیئة الإلهیة.

فی تحدید توجهاته الدینیة

والسفیانی کما هو الظاهر من الروایات شخص لیس بمسلم أو انه مسلم ولکن لدیه توجهات صلیبیة لا تتماشی مع الإسلام وهذا هو المستظهر من قول أمیر المؤمنین صلوات الله وسلامه علیه:

«وخروج السفیانی برایة خضراء وصلیب من ذهب»(2).

وعن بشیر بن غالب قال: (یقبل السفیانی من بلاد الروم منتصرا فی عنقه صلیب وهو صاحب القوم)(3)، ولو قلنا بإسلام السفیانی الملعون فان إسلامه شکلی وهو من الذین لا یعترفون بأحکام الله ولا یؤدون فروضه فعن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه قال:

«السفیانی... لم یعبد الله قط ولم یر مکة ولا المدینة قط»(4).


1- سورة الرعد، الآیة: 39.
2- مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سلیمان الحلی: ص199.
3- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص463.
4- بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج52، ص254.

ص: 62

فی انه یخرج قبل الإمام المهدی علیه السلام بستة أشهر

وأما وقت خروجه المشؤوم فقد حدد فی الروایات الشریفة بأنه سیقع فی شهر رجب فعن المعلی بن خنیس، عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«إن أمر السفیانی من الأمر المحتوم وخروجه فی رجب»(1).

والسفیانی کما مصرح به فی الروایات الشریفة یخرج فی نفس السنة التی یخرج فیها الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، فعن محمد بن مسلم عن أبی جعفر محمد بن علی صلوات الله وسلامه علیها أنه قال:

«السفیانی والقائم فی سنة واحدة»(2).

ویکون خروج السفیانی الملعون کما بینا سابقا فی شهر رجب، وأما خروج الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فیکون فی شهر محرم فعن أبی بصیر قال: قال أبو جعفر صلوات الله وسلامه علیه:

«یخرج القائم علیه السلام یوم السبت یوم عاشورا الیوم الذی قتل فیه الحسین علیه السلام»(3).

أی ان بینه صلوات الله وسلامه علیه وبین ذلک الملعون ستة أشهر.

فی الحروب التی سیخوضها ومدی حقده علی الشیعة والسفیانی یکون فی بدایة أمره مشغولا فی حروب طاحنة لأجل السیطرة علی الکور الخمس التی ذکرناها من قبل فیکون من بدایة ظهوره إلی مدة شهر أو


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص650.
2- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص275.
3- کمال الدین وتمام النعمة، الشیخ الصدوق: ص654

ص: 63

شهرین مشغولا عن أتباع أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین بغیرهم فیقتل فی سبیل السیطرة علی الحکم خلقا کثیرا من غیر الشیعة، ولکنه لعنه الله ما ان یستقر حکمه ویحکم القبضة علی الکور الخمس یتوجه إلی الشیعة بالإبادة والاستئصال حتی لا یکون له هم غیر قتل أتباع أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین وفنائهم فعن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه انه قال:

«وکفی بالسفیانی نقمة لکم من عدوکم(1)، وهو من العلامات لکم(2) مع أن الفاسق لو قد خرج لمکثتم شهرا أو شهرین بعد خروجه لم یکن علیکم بأس حتی یقتل خلقا کثیرا دونکم... فإن حنقه وشرهه(3) فإنما هی علی شیعتنا»(4).

وعن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«کأنی بالسفیانی أو صاحب السفیانی قد طرح رحله فی رحبتکم بالکوفة فنادی منادیه من جاء برأس رجل من شیعة علی فله ألف درهم فیثب الجار علی جاره یقول هذا منهم فیضرب عنقه ویأخذ ألف درهم»(5).


1- أی ان الوقائع التی ستقع ما بینه وبین أعدائه من غیر أتباع أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ستصب من ثم فی مصلحة الموالین لأهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین لان کل نقص یصابون به فی الأنفس والأموال یعد ربحا ولان اختلافهم وتنازعهم خیر من اجتماع بعضهم مع البعض الآخر ضد الحق وأهله.
2- وهو من العلامات لکم أی هو من الدلائل والعلامات التی تستدلون بها علی قرب الفرج وظهور الإمام صلوات الله وسلامه علیه.
3- أی من بعد مضی الشهر أو الشهرین.
4- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص311.
5- الغیبة للشیخ الطوسی: ص450.

ص: 64

خروج الخراسانی والیمانی فی نفس وقته

والسفیانی لا یخرج حتی یخرج معه شخصان هما الیمانی وهو من ارض الیمن وبالتحدید من مدینة صنعاء، فعن عبید بن زرارة قال:

«ذکر عند أبی عبد الله ___ علیه السلام ___ السفیانی فقال: أنی یخرج ذلک ولما یخرج کاسر عینیه بصنعاء»(1).

والخراسانی الذی هو من أرض خراسان من أرض إیران، فعن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«خروج الثلاثة الخراسانی والسفیانی والیمانی فی سنة واحدة فی شهر واحد فی یوم واحد ولیس فیها رایة بأهدی من رایة الیمانی یهدی إلی الحق»(2).

وعن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه قال:

«خروج السفیانی والیمانی والخراسانی فی سنة واحدة وفی شهر واحد وفی یوم واحد ونظام کنظام الخرز یتبع بعضه بعضا فیکون البأس من کل وجه...»(3).

وبناءً علی هذه الأحادیث فإن خروج الیمانی والخراسانی یکون مقترنا بخروج السفیانی ومن یدعی کونه الیمانی أو الخراسانی من أرباب رایات الضلال فی وقتنا هذا وفی غیره یکذبهم کون السفیانی غیر موجود قطعا ولو کانوا محقین فی دعواهم للزم علیهم أولا إثبات وجود السفیانی وانه حاکم حالیا للکور الخمس


1- کتاب الغیبة للشیخ النعمانی: ص286، الباب 14، ما جاء فی العلامات التی تکون قبل قیام القائم، الحدیث رقم 60.
2- المصدر السابق: ص446.
3- بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج52، ص232.

ص: 65

وغیر ذلک مما أثبتته الروایات سابقا ودون إثبات ذلک خرط القتاد، أو یلزمهم تکذیب هذه الروایات الصحیحة والتی بإنکارها وتکذیبها الکفر الصریح، فإذا لم یفعلوا هذا ولا ذاک لزمنا وجمیع الناس تکذیبهم وتسخیف أقوالهم والوقوف بوجه انحرافاتهم حتی لا تأخذهم العزة بالإثم ویتمادوا فی غیهم.

توصیات للشیعة من قبل أئمتهم صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین تخص فتنة السفیانی

ولصعوبة فتنة السفیانی الملعون وشدته علی شیعة أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ومحبیهم صدرت عدة توصیات لأهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین یجب علی من یرید النجاة من تلک الفتنة أن یتبعها وهی التی جاء ذکرها فی روایة الإمام الباقر علیه السلام:

«أن الفاسق لو قد خرج لمکثتم شهرا أو شهرین بعد خروجه لم یکن علیکم بأس حتی یقتل خلقا کثیرا دونکم(1). فقال له بعض أصحابه: فکیف نصنع بالعیال إذا کان ذلک؟ قال: یتغیب الرجل منکم عنه، فإن حنقه وشرهه فإنما هی علی شیعتنا وأما النساء فلیس علیهن بأس إن شاء الله تعالی. قیل: فإلی أین یخرج الرجال ویهربون منه؟ فقال: من أراد منهم أن یخرج، یخرج إلی المدینة أو إلی مکة أو إلی بعض البلدان، ثم قال: ما تصنعون بالمدینة، وإنما یقصد جیش الفاسق إلیها، ولکن علیکم بمکة فإنها مجمعکم، وإنما فتنته حمل امرأة: تسعة أشهر، ولا یجوزها إن شاء الله»(2).


1- الظاهر ان هذه المدة کافیة لمعرفة أمره وکشف حقیقته وانه هو السفیانی الذی جاء ذکره فی الروایات الشریفة وعلیه یکون الوقت کافیا للخروج من الکوفة أو المدن التی سیدخلها وتغییب الوجه عنه وعن جیشه.
2- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص311 – 312.

ص: 66

العلامة الثانیة: الصیحة وکونها من المحتوم

فقد وردت روایات عدیدة تؤکد علی أن الصیحة شأنها شأن السفیانی من الأمور الحتمیة فعن أبی حمزة الثمالی قال:

«إن أبا جعفر کان یقول: خروج السفیانی من المحتوم والنداء من المحتوم»(1).

وعن محمد بن علی الحلبی قال: سمعت أبا عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه یقول:

«اختلاف بنی العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم...»(2).

محتوی الصیحة ومضمونها

أما محتوی هذه الصیحة ومضمونها فهو کما صرحت به الروایات الشریفة، فعن أبی حمزة الثمالی عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«...ینادی مناد من السماء أول النهار یسمعه کل قوم بألسنتهم: ألا إن الحق فی علی وشیعته...»(3).

وفی روایة ثانیة قال صلوات الله وسلامه علیه:

«ولا یخرج القائم حتی ینادی باسمه من جوف السماء... قلت: بم ینادی؟ قال: باسمه واسم أبیه، ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد فاسمعوا له وأطیعوه، فلا یبقی شیء من خلق الله فیه الروح إلا یسمع الصیحة»(4).


1- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص435.
2- کتاب الکافی للشیخ الکلینی: ج8، ص310.
3- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص435
4- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص301.

ص: 67

فی أن الصیحة صیحتان صیحة حق وصیحة باطل

وینبغی علی المؤمن المنتظر أن یکون معلوما لدیه، أن الصیحة المذکورة فی الروایات الشریفة صیحتان، صیحة حق ینادی بها جبرائیل __ علیه السلام __، بهدف إعلان وقت الظهور وتمهید النفوس والأجواء لاستقبال هذا الحدث العظیم، وهی بشارة للمؤمنین وتطمینا لقلوبهم، والصیحة الأخری باطلة، وهی صیحة ضلال، ینادی بها إبلیس اللعین یهدف من خلالها بث الشک فی قلوب أولیائه، وإبطال تأثیر صیحة جبرائیل، والتعمیة والتشویش علی محتوی الصیحة الحقة التی ینادی بها جبرائیل ومضمونها، فعن أبی حمزة الثمالی عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«قلت: وکیف یکون النداء؟ قال: ینادی مناد من السماء أول النهار یسمعه کل قوم بألسنتهم: ألا إن الحق فی علی وشیعته. ثم ینادی إبلیس فی آخر النهار من الأرض: ألا إن الحق فی عثمان وشیعته فعند ذلک یرتاب المبطلون»(1).

وعن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله وسلامه علیه یقول:

«هما صیحتان صیحة فی أول اللیل، وصیحة فی آخر اللیلة الثانیة قال: فقلت: کیف ذلک؟.

قال: فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبلیس فقلت: وکیف تعرف هذه من هذه؟ فقال: یعرفها من کان سمع بها قبل أن تکون»(2).


1- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص435.
2- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص273 – 274.

ص: 68

وعن زرارة عن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه قال:

«ینادی مناد باسم القائم علیه السلام، قلت: خاص أو عام؟ قال: عام یسمع کل قوم بلسانهم، قلت: فمن یخالف القائم علیه السلام وقد نودی باسمه؟ قال: لا یدعهم إبلیس حتی ینادی فی آخر اللیل ویشکک الناس»(1).

وعن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«صوت جبرائیل من السماء، وصوت إبلیس من الأرض، فاتبعوا الصوت الأول وإیاکم والأخیر أن تفتتنوا به»(2).

کیف نمیز بین صیحة الحق وصیحة الباطل؟ یتبین لنا من تلک الروایات السالفة الذکر أن بین کلتا الصیحتین الحقة والباطلة عدة فروق تتمیز کل واحدة منهما عن الأخری، وهذه الفروق کما بینت علی لسان الروایات هی:

الفرق الأول: ان علی المؤمنین إتباع الصیحة الأولی دون الثانیة؛ لان جبرائیل هو الذی سیبدأ بالصیحة، وکردّة فعل من قبل اللعین إبلیس تصدر منه الصیحة الثانیة.

ولو فرضنا جدلا(3) ان إبلیس اللعین، وزیادة منه فی الإغواء والشیطنة، أراد


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص650 – 651.
2- المصدر السابق: ص652.
3- الروایات وان کانت واردة فی ان صیحة إبلیس هی الثانیة وصیحة جبرائیل هی الأولی، ولکننا فرضنا فرضا وفرض المحال لیس محالا، وغرضنا من هذا الفرض هو توضیح ان المؤمن الموالی لأهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین لم یترک من قبلهم بلا دلیل یستدل به علی الطریق الحق، وعلیه فان المؤمن حتی وان عمی علیه، ولم یستطع ان یمیز ما بین الصیحة الأولی والثانیة، أو قد حصل البداء فی تقدم إحدی الصیحتین علی الأخری فابتدأ إبلیس قبل جبرائیل، فان أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین قد وضعوا لنا قیدا آخر، وفارقا ثانیا یستطیع المؤمن من خلاله التفریق ما بین الصیحة الحقیقیة التی تنطلق عن جبریل، عن الصیحة الشیطانیة الباطلة، وهذا الفارق هو الذی سنذکره بعد سطر أو سطرین فتنبه.

ص: 69

أن یبتدئ بالصیحة الباطلة، فان الفرق الثانی هو الذی سیکشف بطلان دعوته وصیحته.

الفرق الثانی: المضمون للصیحة الباطلة سیکون عبارة عن الدعوة لبنی أمیة وباطلهم، أو الدعوة إلی نصرة السفیانی وفتنته، وهو مروی عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه حیث قال:

«ثم ینادی إبلیس __ لعنه الله __ فی آخر النهار: ألا إن الحق فی السفیانی وشیعته، فیرتاب عند ذلک المبطلون»(1).

ولا تنافی بین ندائه باسم عثمان وبین ندائه باسم السفیانی؛ لأنه، وکما عرفنا سابقا، فان نسب السفیانی یرجع إلی بنی أمیة کما ان نسب عثمان یرجع إلی بنی أمیة، أیضا، وبحسب الظاهر یوجد تشابه وثیق فیما بین السفیانی وعثمان لیس هاهنا محل بیانه.

وعلیه؛ فحتی لو ابتدأ بالصیحة قبل جبرائیل علیه السلام، فیمکن مع ذلک تمییز الصیحة الحقة من المبطلة، بالمضمون الذی ستحتوی علیه کلتا الصیحتین،


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص652، الباب السابع والخمسون علامات خروج القائم صلوات الله وسلامه علیه.

ص: 70

فصیحة جبرائیل هی صیحة حق لدعوتها إلی أمر صحیح ثابت الأحقیة، وان المنادی بها ملک معصوم لا یصدر منه إلا الحق، والصیحة الثانیة هی باطل لصدورها من موجود باطل، لا یصدر منه إلا الفساد والباطل، وهو إبلیس علیه اللعنة، وأیضا هی باطلة لاحتوائها علی أمر باطل.

الفرق الثالث: ان موعد کلتا الصیحتین سواء الحقة منها أو الباطلة سیکون فی شهر رمضان وبالتحدید فی الیوم الثالث والعشرین منه، ولکن الاختلاف فی الروایات وقع ألیلا ستقع الصیحة أم نهارا، فمن الروایات ما نص علی أن الصیحة أو النداء سیکون وقوعها نهار ذلک الیوم، کما فی الروایة التی عن أبی حمزة الثمالی، قال: قلت لأبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه:

«کیف یکون ذلک النداء؟ قال: ینادی مناد من السماء أول النهار: ألا إن الحق فی علی وشیعته، ثم ینادی إبلیس لعنه الله فی آخر النهار: ألا إن الحق فی السفیانی وشیعته، فیرتاب عند ذلک المبطلون»(1).

ومن الروایات ما نصت علی أن الصیحة أو النداء یکون فی لیلة الیوم الثالث والعشرین من شهر رمضان، وان هذه اللیلة ستصادف لیلة یوم الجمعة، فعن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه قال:

«الصیحة التی فی شهر رمضان تکون لیلة الجمعة لثلاث وعشرین مضین من شهر رمضان»(2).

وفی روایات أخری ان الصیحة ستقع فی نهار ذلک الیوم، وکذلک فی اللیل،


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص652.
2- المصدر السابق: ص250.

ص: 71

کما فی الروایة التی عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله وسلامه علیه یقول:

«هما صیحتان: صیحة فی أول اللیل، وصیحة فی آخر اللیلة الثانیة، قال: فقلت: کیف ذلک؟ قال: فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبلیس فقلت: وکیف تعرف هذه من هذه؟ فقال: یعرفها من کان سمع بها قبل أن تکون»(1).

وهذا الاختلاف فی تحدید الموعد الدقیق للصیحة والنداء ناتج عن ان أصل وجود الصیحة هو من المحتوم الذی لا یتخلف ان شاء الله، کما عرفنا ذلک من قبل، ولکن موعدها خاضع لقانون المحو والإثبات فیمکن أن یکون نهارا، ویمکن أن یکون لیلا، ویمکن أن یکون غیر ذلک، بحسب الحکمة والمصلحة التی هی فی علم الله سبحانه وتعالی.

أو ربما تکون الصیحة والنداء صیحتین أو ثلاثاً ولان المضمون واحد والمحتوی نفسه، عدت واحدة فی بعض الروایات، وعدت أکثر من واحدة فی روایات أخری.

وسواء کانت الصیحة والنداء نهارا أو لیلا، أو کانت واحدة أو أکثر، کل ذلک لا یهم بعد أن بینا من قبل ان الضروری علی کل المؤمنین هو التوجه والانتباه إلی مضمون تلک الصیحة ومحتواها، فإن ذلک المضمون والمحتوی هو الذی سیحدد کون تلک الصیحة هی صیحة جبرائیل التی هی صیحة الحق والبشری، أو أنها صیحة إبلیس الباطلة الضالة.


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص273 – 274.

ص: 72

الصیحة بعد السفیانی بشهرین وقبل الظهور بخمسة أشهر

بینا فیما سبق ان السفیانی علیه اللعنة یخرج فی شهر رجب، والصیحة والنداء یکونان فی شهر رمضان، أی بعد شهرین تقریبا، وفی شهر محرم الحرام وفی یومه العاشر یخرج الإمام المهدی أرواحنا فداه، أی بعد سبعة أشهر من خروج السفیانی، وخمسة أشهر من الصیحة، وهی فترة قصیرة فی نظر العقلاء، بحیث یمکن ان یقال: إنّ هنالک اتصالا قریبا جدا بین کل من السفیانی والصیحة والمهدی صلوات الله وسلامه علیه، لذلک شُبهت هذه الأحداث بالخرز التی تتبع إحداها الأخری حین سقوطها، فعن الإمام أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه انه قیل له:

«ما من علامة بین یدی هذا الأمر؟ فقال: بلی، قلت: وما هی؟ قال: هلاک العباسی، وخروج السفیانی، وقتل النفس الزکیة، والخسف بالبیداء، والصوت من السماء. فقلت: جعلت فداک، أخاف أن یطول هذا الأمر؟ فقال: لا، إنما هو کنظام الخرز یتبع بعضه بعضا»(1).

إمکان مشاهدة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بعد الصیحة والسفیانی

ومن مجموع ما بیناه سابقا عن کل من السفیانی والصیحة یصبح واضحا ان رفع الحکم فی تکذیب دعوی المشاهدة إلی ما بعد الصیحة والسفیانی، فی نص التوقیع الذی صدر علی ید السفیر الرابع قدس الله روحه ناتج عن إن بعد هاتین العلامتین ووقوعهما خارجاً سیتحقق عصر الظهور المقدس، أو بمعنی آخر؛ أن الصیحة والسفیانی سیکونان علامة من علامات بدء الظهور، الذی سیکون سریعاً جداً، کما قد روی من أنه: (ینادی باسم القائم فی لیلة ثلاث وعشرین(2)، ویقوم


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص269 – 270.
2- من شهر رمضان وهو یوم الصیحة التی بینا تفاصیلها.

ص: 73

یوم عاشوراء(1)...)((2). وفی هذه المدة سیتکرر ظهور الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف للعیان وفی مناطق مختلفة ولأشخاص مختلفین حسب الحاجة والحکمة.

وهذا الظهور والاتصال بالآخرین لا یتعارض مع توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، لأننا قد أوضحنا فی محله ان المانع من المشاهدة قبل الصیحة والسفیانی، هو تعارض مشاهدة کهذه مع مفهوم الغیبة التامة الکبری، وهذا التعارض لا یصبح له معنی بعد ظهور السفیانی، ونداء جبرائیل باسمه صلوات الله وسلامه علیه، وذلک لأن بعد الصیحة والسفیانی تنتهی مرحلة الغیبة التامة المطلقة، وتبدأ أول مقدمات مرحلة الظهور المقدس، فلا ضرر یذکر فی انکشاف أمر المهدی صلوات الله وسلامه علیه ودعوته حینئذ، لان إرهاصات خروجه صلوات الله وسلامه علیه وظهوره ستبین للعیان وتتضح عند کل إنسان، واکبر إرهاص یکون فیه تصریح واضح بخروجه صلوات الله وسلامه علیه هو الصیحة التی ستکشف أمر قیامه کشفا عاما حتی عند غیر المسلمین، بحیث یفهمه کل الناس مهما کانت لغتهم، کما مر توضیحه من قبل علی لسان الروایات الشریفة.

وکذلک أوضحا سابقا ان المانع الثانی من المشاهدة قبل الصیحة والسفیانی هو أنّ أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین ومن ضمنهم الإمام المهدی أرواحنا فداه، حرصوا وبشدة علی حفظ الکتلة الموالیة لهم والمؤمنة بهم، من أی انحراف قد یوقعون فیه أنفسهم أو یوقعهم الآخرون فیه، وان الخوف کل الخوف هو ممن یدعی المشاهدة مع دعوی السفارة والنیابة الخاصة؛ لأن هؤلاء الضالین سیشوشون


1- من نفس السنة کما بیناه سابقا فی المتن.
2-  () الإرشاد للشیخ المفید: ج2، ص379.

ص: 74

علی الناس معتقداتهم وعقائدهم، وسیستغلون حب الناس وتعاطفهم مع الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه للعلو فی الأرض، وکسب الامتیازات المادیة والاجتماعیة، وهذا المانع أیضا لا یبقی له معنی بعد الصیحة والسفیانی، لان منصب السفارة والنیابة الخاصة لا یمکن ان یستغل بشکل سلبی من قبل بعض رایات الضلالة، وذلک لأن علامات الدعوة الحقة والصادقة، وقضیة الإمام المهدی وشخصیته، وعلامات ظهوره التی ستکون أوضح من الشمس ستسحق، وتغطی، وتقهر کل دعوة أخری یمکن أن تظهر حینئذ وتستغل اسم المهدی أرواحنا فداه.

هذا مجمل ما أردنا توضیحه من لطائف وإشارات ممّا احتواه توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه.

ص: 75

 

الفصل الثانی: دفاع عن توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه

اشارة

ص: 76

ص: 77

ذکرنا فی مقدمة هذا الفصل، ان التوقیع الشریف الذی صدر علی ید السفیر الرابع قدس الله روحه قد تعرض لهجمات عنیفة وطعون شدیدة، قلما تعرض لها توقیع آخر، وبینا فیما مر ان سبب هذه الطعون وتلک الهجمات یعود إلی الفقرة التی سدت الباب علی کل من حاول أو یحاول استغلال اسم الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وقضیته للارتفاع فی الأرض والطغیان فی البلاد بحجة السفارة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وسنحاول هنا استعراض أهم ما وجه لهذا التوقیع الشریف من طعون وتخرصات وتشکیکات مغرضة، ونجیب علیها بما یناسب المقام.

الإشکال الأول: الطعن فی سند الروایة ورمیها بالإرسال

اشارة

الإرسال کما لا یخفی عند أهل العلم یوجب عدم اعتبار الروایة، ویلزم الباحث ترکها فی مقام الحجیة والعمل، فمن تعمد رمی توقیع الشیخ السمریقدس الله روحه بالإرسال __ من أصحاب رایات الضلال __ یهدف إلی إسقاط حجیته واعتباره، من اجل تحقیق مآرب شیطانیة.

ومن اطلع علی العوامل المحیطة بالروایة، وطرق نقلها، ورجال سندها یقطع بصحة سند التوقیع الذی خرج علی ید السفیر الرابع قدس الله روحه، ونزاهة رجالها وقوة حجیتها، ولکی نؤکد قولنا هذا لابد من عرض تفصیلی لسند هذه الروایة، والاطلاع علی حال رجالها، وهی کالتالی:

ص: 78

«روی الصدوق قال حدثنا أبو محمد الحسن بن احمد المکتب قال: کنت جالسا بمدینة السلام فی السنة التی توفی فیها الشیخ علی بن محمد السمری __ قدس الله روحه __  فحضرته قبل وفاته بأیام، فأخرج إلی الناس توقیعا نسخته: "بسم الله الرحمن الرحیم یا علی بن محمد السمری، أعظم الله أجر إخوانک فیک، فإنک میت ما بینک وبین ستة أیام، فاجمع أمرک، ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغیبة الثانیة __ التامة __ فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلک بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا، وسیأتی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم. قال: فنسخنا هذا التوقیع وخرجنا من عنده، فلما کان الیوم السادس عدنا إلیه وهو یجود بنفسه، فقیل له: من وصیک من بعدک؟ فقال: لله أمر هو بالغه. ومضی رضی الله عنه، فهذا آخر کلام سمع منه»(1).

فیتبین لنا ان رجال سند هذه الروایة شخصان فقط هما کل من الشیخ الصدوق علیه الرحمة والرضوان وأبو محمد الحسن بن علی المکتب.

وان کلاً منهما رضوان الله تعالی علیهما ممن ثبتت وثاقته وعلو مرتبته وقبول روایته، فأما الحسن بن علی المکتب فسیأتی ذکره ووثاقته تفصیلا فی الإشکال الثانی، وأما الشیخ الصدوق رحمه الله فأمره أشهر من ان یذکر، ووثاقته أوضح من ان یستدل علیها بدلیل، وفیما یلی جملة من کلمات الأعلام فیه وفی وثاقته.


1- کمال الدین وتمام النعمة للشیخ الصدوق: ص516، الباب الخامس والأربعون ذکر التوقیعات.

ص: 79

من هو الشیخ الصدوق؟

هو الشیخ الجلیل أبو جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی المتوفی سنة 381 للهجرة النبویة المبارکة، أحد أعلام القرن الرابع الهجری، قال فی حقه الشیخ الطوسی قدس الله روحه: (محمد بن علی بن الحسین بن موسی بن بابویه القمی، جلیل القدر، یکنی أبا جعفر، کان جلیلا، حافظا للأحادیث بصیرا بالرجال، ناقدا للأخبار، لم یر فی القمیین مثله فی حفظه وکثرة علمه)(1).

وقال عنه الشیخ النجاشی قدس الله روحه: (أبو جعفر، نزیل الری، شیخنا وفقیهنا ووجه الطائفة بخراسان، وکان ورد بغداد سنة خمس وخمسین وثلاثمائة، وسمع منه شیوخ الطائفة وهو حدث السن، وله کتب کثیرة)(2).

وقال عنه المولی محمد تقی المجلسی قدس الله روحه: (هو رکن من أرکان الدین)(3). وقال العلامة المجلسی فی بحاره: (من عظماء القدماء التابعین لآثار الأئمة النجباء، الذین لا یتبعون الآراء والأهواء، ولذا ینزل أکثر أصحابنا کلامه وکلام أبیه منزلة النص المنقول والخبر المأثور)(4).

وقال عنه المیرزا القمی قدس الله روحه: (وقد کان الأصحاب یتمسکون بما یجدونه فی شرایع الشیخ أبی الحسن بن بابویه رحمه الله تعالی عند إعواز النصوص لحسن ظنهم به، وإن فتواه کروایته، وبالجملة تنزل فتاواهم بمنزلة روایتهم)(5).


1- الفهرست للشیخ الطوسی: ص237، باب محمد الرقم (710) 125.
2- رجال النجاشی للشیخ النجاشی: ص392، باب المیم الرقم 1049.
3- روضة المتقین: ج14، ص16.
4- بحار الأنوار للعلامة المجلسی: ج10، ص405، فی آخر الباب 75.
5- قوانین الأصول للمیرزا القمی: ص373 فی الإجماع.

ص: 80

ومما یؤکد وثاقته، ویدفع الشک فی نزاهته، کونه مولودا بدعاء الإمام الحجة صلوات الله وسلامه علیه الذی وصفه بأنه فقیه خیر مبارک((1).

ولشدة ثقة علماء الطائفة بنزاهته وعلمه أصبحت مصنفاته مرجع ترجع إلیها الطائفة فی مختلف العلوم وکتاب «من لا یحضره الفقیه» أشهر من نار علی علم، حتی عد من أصول الشیعة التی علیها المعول، والیها المرجع فی باب الفقه والأحکام واخذ الحلال والحرام، فهذه نبذة فیها کفایة لمتبصر، ونحن مهما أردنا التطویل فلن نصل إلی ساحل بحر فضله.

فیکون بذلک کل من الشیخ الصدوق قدس الله روحه کما بینا، وأبی محمد الحسن بن احمد المکتب، کما سنبین بعد ذلک، ثقتین قد سمع أحدهما عن الآخر مباشرة وبلا واسطة، لان الحسن بن احمد المکتب __ کما سیأتی __ هو من مشایخ الصدوق المعتمدین فی مقام نقل الروایة، فیکون السند حینئذ متصلا غیر مقطوع، فتکون حجة الإرسال داحضة ساقطة فی مقام الاعتراض.

من قال من العلماء بعدم إرسال توقیع السمری

وقد أکد حقیقة عدم إرساله وضعفه، عددٌ من الأعلام، منهم المیرزا محمد تقی الأصفهانی قدس الله روحه، إذ قال: (ومما یدل أیضا علی صحته __ أی صحة توقیع السمری __ أن علماءنا من زمن الصدوق رضی الله عنه إلی زماننا هذا استندوا إلیه، واعتمدوا علیه ولم یناقش، ولم یتأمل أحد منهم فی اعتباره، کما لا یخفی علی من له أنس وتتبع فی کلماتهم ومصنفاتهم، فتبین من جمیع ما ذکرناه أن الحدیث المذکور من الروایات القطعیة، التی لا ریب فیها، ولا شبهة تعتریها، وهو مما قال


1-  () الفوائد الرجالیة للسید بحر العلوم: ج3، ص296، باب المیم محمد بن علی بن بابویه القمی.

ص: 81

فیه الإمام علیه السلام(1) فإن المجمع علیه لا ریب فیه)(2).

وقال السید المحقق المتبحر فی قضیة الإمام المهدی قدس الله روحه محمد صادق الصدر فی موسوعته: (وأما کونه خبراً مرسلاً فهو غیر صحیح، إذ رواه الشیخ __ الطوسی __ فی الغیبة(3)، فقال أخبرنا جماعة عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین بن بابویة قال حدثنی أبو محمد احمد بن الحسین المکتب قال: کنت بمدینة السلام فی السنة التی توفی فیها الشیخ أبو الحسن علی بن محمد السمری قدس سره... کما رواه الصدوق ابن بابویه فی إکمال الدین عن أبی محمد المکتب نفسه، فأین الإرسال؟ والزمن بحسب العادة مناسب مع وجود الواسطة الواحدة)(4).

ولعل شبهة الإرسال هذه قد جاءت من جهة، ان الشیخ الطبرسی رضی الله عنه صاحب کتاب الاحتجاج ذکر هذا التوقیع مرسلا من دون ان یذکر الواسطة ما بینه وبین الشیخ السمری علیه الرحمة والرضوان فقال: (فلما حان سفر أبی الحسن السمری من الدنیا، وقرب اجله، قیل له: إلی من توصی؟ فأَخرج إلی الناس توقیعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحیم یا علی بن محمد السمری أعظم الله أجر إخوانک فیک...)(5) وذکر الخبر بتمامه.


1- هذه الروایة عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام عن عمر بن حنظلة، وهی المشهورة باسم مقبولة عمر بن حنظلة راجع الکافی للشیخ الکلینی: ج1، ص68.
2- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص335.
3- غیبة الشیخ الطوسی: ص399.
4- تاریخ الغیبة الصغری: ص641.
5- الاحتجاج للشیخ الطبرسی: ج2، ص297. فی ذکر طرف مما خرج أیضا عن صاحب الزمان من المسائل الفقهیة.

ص: 82

ولکن إرسال الشیخ الطبرسی علیه الرحمة والرضوان یعد دلیلا علی صحة الخبر ووثاقته وموافقته للإجماع واشتهاره بین المخالف والمؤالف، ولیس دلیلا علی ضعفه وعدم حجیته، وذلک لان الشیخ الطبرسی علیه الرحمة والرضوان التزم فی أول کتابه وصرح بقوله: (وأنا ابتدئ فی صدر الکتاب بفصل ینطوی علی ذکر آیات من القرآن التی أمر الله تعالی بذلک أنبیاءه بمحاجة ذوی العدوان، ویشتمل أیضا علی عدة أخبار فی فضل الذابین عن دین الله القویم، وصراطه المستقیم، بالحجج القاهرة والبراهین الباهرة... وربما یأتی فی أثناء کلامهم کلام جماعة من الشیعة حیث تقتضی الحال ذکره، ولا نأتی فی أکثر ما نورده من الأخبار بإسناده إما لوجود الإجماع علیه؛ او موافقته لما دلت العقول إلیه أو؛ لاشتهاره فی السیر والکتب بین المخالف والمؤالف...)(1).

فظهر بذلک أن التوقیع الشریف کان فی زمن الشیخ الطبرسی غنیا عن ذکر السند؛ إما لموافقته لإجماع الطائفة؛ أو لاشتهاره بین أعلام المذهب وعلمائه شهرة وصلت حد الاستغناء عن ذکر إسناده؛ أو لکلیهما جمیعا.

الإشکال الثانی: محاولة رمی رجال السند بالجهالة

اشارة

حاول بعض من لا حظَّ له من العلم الطعن فی سند التوقیع المقدس، فعمد إلی حیلة قدیمة یستخدمها کل من یرید أن یدلس علی العوام فکره ورأیه، فرمی أحد رجال السند الذین نقلوا لنا توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه بالضعف تارة وبالجهالة تارة أخری.


1- المصدر السابق: ج1، ص4.

ص: 83

والضعف __ بزعمهم __ جاء من طرف أحمد بن الحسن المکتب، أو الحسن بن أحمد المکتب، فهو __ کما زعموا وافتروا __: (رجل مجهول الحال لم تذکره کتب الحدیث أساسا)(1).

وقد أرخی هذا المدعی عنان غیه فادّعی بصورة قاطعة أن: (احمد بن الحسن المکتب غیر موجود فی کتب الرجال أساساً، فضلاً عن ضعفه، وإنه لم ترد ترجمته فی رجال الحدیث، بل هو غیر مقطوع بتسمیته، فتارة یسمی أحمد بن الحسن المکتب، وأخری الحسن بن أحمد المکتب وثالثة احمد بن الحسین المکتب... لم تذکر کتب رجال الحدیث ترجمة لهذه الشخصیة بأسمائها الثلاث)(2).

ویرد علیه: ان هذا المفتری جاهل بالفرق بین کتب الحدیث والترجمة

إن الکاتب لتلک السطور جاهل أو متجاهل للفرق بین کتب الترجمة، وکتب الرجال، فعلم الرجال: (هو العلم الباحث عن أحوال رواة الحدیث ذاتاً ووصفاً، وبتعبیر آخر هو الوقوف علی أحوال الرواة من حیث العدالة والمدح والإهمال والجهالة، والوقوف علی أسماء مشایخهم وتلامیذهم وطبقتهم فی نقل الروایة)(3).

أما علم التراجم فهو العلم: (الباحث عن أحوال الشخصیات من العلماء وغیرهم سواء کانوا رواة أم لا وبذلک یظهر أن بین العلمین بوناً شاسعاً، لأن


1- قراءة جدیدة فی روایة السمری: ص13، وص 14، للمدعو ضیاء الزیدی.
2- المصدر السابق: ص14، وفی هامش 2 من نفس الصفحة.
3- دروس موجزة فی علمی الرجال والدرایة، جعفر السبحانی: ص9.

ص: 84

المطلوب فی علم التراجم هو التعرف علی أحوال الأشخاص لا من حیث الوثاقة والضعف بل من حیث دورهم فی حقل العلم والأدب والفن والصناعة والسیاسة والاجتماع، وتأثیره فی الأحداث والوقائع إلی غیر ذلک مما یطلب من علم التراجم)(1).

فاستدلال المعترض علی ضعف احمد بن الحسن جهالته المکتب لعدم ورود اسمه فی کتب التراجم خلط واضح وتدلیس فاضح، لأن کتب التراجم لا تعین حال الراوی من حیث الضعف والوثاقة، أو العدالة والجهالة، لأن ذلک من مختصات علم الرجال، وعلیه فعدم وجود ذکر لأحمد بن الحسن المکتب فی کتب التراجم، __ لو صدقت هذه الدعوی __، لیس دلیلاً علی جهالته وضعفه، لأن کثیرا من الرواة المعروفین، بل کثیرا من أساطینهم، لم یرد لهم ذکر فی کتب التراجم لعدم وجود آثار علمیة أو فنیة أو اجتماعیة فی حیاتهم تستدعی ذکرهم فیها.

ویرد علیه: ان الحسن بن محمد المکتب موثق مذکور فی کتب الرجال

وأما قول المدعی: إن الحسن بن أحمد المکتب غیر موجود فی کتب الرجال أصلاً؛ فهو کذبة أخری الهدف منها دس السم فی العسل، والتشویش علی من لیس له حظ فی الاطلاع علی کتب الرجال وأحوال الرواة.

لان الصحیح الثابت هو أن احمد بن الحسن المکتب قد جاء ذکره فی عدة کتب رجالیة وغیر رجالیة نذکر منها علی سبیل الاحتجاج لا التقصی ما یأتی:

أولا: فقد جاء فی کتاب مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: (أبو


1- کلیات فی علم الرجال، جعفر السبحانی: ص13، وص 15.

ص: 85

محمد الحسن بن أحمد المکتب، وهو کما ذکره الفاضل الألمعی المولی عنایة الله فی مجمع الرجال، أبو محمد الحسن بن الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المکتب. ویروی عنه الصدوق مکررا مترضیا مترحما وهذا من أمارات الصحة والوثاقة، کما نبه علی ذلک المولی المزبور فی مجمعه، وذکر له شواهد عدیدة، لیس هنا موضع ذکرها والمکتِّب (بکسر التاء المشددة) من یعلم الکتابة)(1).

ثانیا: وجاء فی کتاب (معجم رجال الحدیث) للسید الخوئی رحمه الله انه قال: (الحسن بن أحمد المکتب: أبو محمد من مشایخ الصدوق __ قدس سره __ ترحم علیه، کمال الدین، الباب 49، الحدیث 41)(2).

ثالثا: وجاء فی کتاب (تهذیب المقال فی تنقیح کتاب النجاشی) للسید محمد علی الأبطحی انه قال: «الحسین بن إبراهیم بن احمد بن هشام المؤدب المکتب، ذکره ابن حجر فی لسان المیزان ج2/271 قائلاً: الحسین بن إبراهیم بن احمد المؤدب، روی عن أبی الحسن محمد بن جعفر الأسدی وغیره، قال علی بن الحکم فی مشایخ الشیعة: کان مقیماً بقم وله کتاب فی الفرائض أجاد فیه، وأخذ عنه أبو جعفر محمد بن علی بن بابویة وکان یعظمه(3)... وکان الحسین من مشایخ الصدوق رحمه الله روی عنه فی کتبه کثیراً مترضیاً ومترحماً علیه، وقد کناه بأبی محمد


1- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص334.
2- معجم رجال الحدیث للسید الخوئی: ج5، ص272. وذکره أیضاً فی: ج8، ص150، مترضیاً علیه. وذکره أیضاً تحت اسم الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المؤدب رضی الله عنه راجع: ج16، ص175.
3- لسان المیزان لابن حجر: ج2، ص271.

ص: 86

کما فی الإکمال باب 49/ 476 قائلاً: حدثنا أبو محمد الحسین بن أحمد المکتب وصفحة 479 قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن احمد المکتب رضی الله عنه، قال: کنت بمدینة السلام فی السنة التی توفی فیها السمری، فحضرته قبل وفاته بأیام، فاخرج إلی الناس توقیعاً ثم ذکره وفیه عدم الإیصاء إلی أحد، فإنه قد حانت الغیبة الثانیة... ولقب بالمکتب کما تقدم عن مواضع من الخصال والعیون وأیضاً __ لقب __ بالمؤدب کما فی لسان المیزان، وفی الإکمال، وعیون أخبار الرضا __ صلوات الله وسلامه علیه __(1)، والغیبة(2)، ومشیخة الفقیه(3)، ومعانی الأخبار وغیره، وروی الصدوق رحمه الله عنه کثیراً فی کتبه عن جماعة منهم علی بن إبراهیم بن هاشم(4)، وأبو علی محمد بن همام(5)، وعلی بن محمد السمری السفیر الرابع... ثم إن الاقتصار علی اسم أبیه أو مع ذکر جده أحمد أو ذکره کما تقدم فی العنوان __ الحسین بن إبراهیم بن هشام المؤدب المکتب __ لا یدل علی التعدد وذلک بقرینة من روی عنه، فلاحظ»(6).

رابعا: وقال الشیخ علی النمازی الشاهرودی فی کتابه (مستدرکات علم رجال الحدیث) ما هذا نصه: (الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المؤدب


1- ج1، ص72، ومواضع کثیرة.
2- کتاب الغیبة للشیخ الطوسی: ص180.
3- مشیخة الفقیه وقد أشیر إلیه برقم 194.
4- العیون: ج1، ص72، وج2، ص214، وص 262.
5- إکمال الدین وإتمام النعمة: ص476.
6- تهذیب المقال فی تنقیح کتاب النجاشی للسید محمد علی الأبطحی: ج2، ص373 فی الحسین بن إبراهیم بن احمد المؤدب.

ص: 87

المکتب الکاتب: من مشائخ الصدوق ذکره فی کتبه مترضیا علیه، روی عنه حدیث شرائع الدین (الخصال ج2 / 150) وحدیث سبعین منقبة لأمیر المؤمنین صلوات الله علیه لم یشرکه فیها أحد فی (ص131). رواهما عن أحمد بن یحیی بن زکریا القطان، عن بکر بن عبد الله بن حبیب، عن نمیم بن بهلول. وغیر ذلک منها فی أمالیه (ص240 و261) بهذا الإسناد. وفی العیون (ج 1) روی عنه، مترضیا "علیه، عن علی بن إبراهیم بن هاشم فی ص13 و72 و141. وفی ص120 عنه مترضیا، عن محمد بن جعفر الکوفی الأسدی. وعن بعض الثقات أن له کتابا فی الفرایض أجاد فیه. ووقع فی طریقه فی مشیخة الفقیه فی ستة أُصُل من الأصول المعتمدة التی استخرج منها أحادیث کتابه. وروی عنه الصدوق فی التوحید مترضیا" فی ستة مواضع. وروی الشیخ فی (یب ج 6 / 95) عن الصدوق، عنه وعلی بن أحمد بن موسی معا، عن محمد بن أبی عبد الله الکوفی حدیث الزیارة الجامعة الکبیرة المعروفة)(1).

خامسا: وقال السید محسن الأمین فی أعیان الشیعة ما هذا نصه: (الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المؤدب أو المکتب. لم ینص علی توثیقه سوی أن الصدوق أکثر من الروایة عنه مترضیا مترحما، وهو کاف فی جلالته وفی الریاض: الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المکتب، من أجلة مشایخ الصدوق، ویروی عن أحمد بن یحیی بن زکریا القطان، کما یظهر من کتب الصدوق، ویعرف الحسین بالمکتب اه. وفی لسان المیزان: الحسین بن إبراهیم بن أحمد المؤدب، روی عن أبی الحسین محمد بن جعفر الأسدی وغیره، قال علی بن الحکم فی مشایخ


1- مستدرکات علم رجال الحدیث، الشیخ علی النمازی الشاهرودی: ج3، ص72 – 73.

ص: 88

الشیعة: کان مقیما بقم وله کتاب فی الفرائض أجاد فیه، وأخذ عنه أبو جعفر محمد بن علی بن بابویه، وکان یعظمه اه. وعلی بن الحکم من أجلاء أصحابنا له کتاب فی الرجال، وکان هذا الکتاب عند ابن حجر، ونقل عنه فی (لسان المیزان) کثیرا. وأبو جعفر المذکور هو الصدوق)(1).

فتبین من هذا وغیره أن ما قالوه من جهالة الحسن بن إبراهیم بن احمد المؤدب أو المکتب غیر صحیح، وهو تدلیس علی البسطاء من جهال العامة.

ولکن یبقی هنا أمران:

الأول: هل الاختلاف فی الاسم أو الکنیة یضر فی وثاقة الراوی

الظاهر لمن تتبع کلمات الأعلام، یجد أن کلمتهم أجمعت، أو تکاد تجمع علی أن الاختلاف فی اسم الراوی او کنیته لا یضر فی معرفة الراوی ووثاقته، ما دام ان هنالک قرائنَ تدل علی أن المراد من کل ذلک رجل واحد بعینه، وهذا التشابه والاختلاف کثیراً ما یقع فی کتب الرجال وأسانید الحدیث، فعلی سبیل المثال نری الشیخ الطوسی؛ وهو النحریر فی علم الرجال، وعلیه المعول فی معرفة الأسانید، یذکر فی رجاله شخصا ینص علی انه من أصحاب الصادق علیه السلام فیقول: (عیسی بن أبی منصور الکوفی)(2) ثم یقول عنه فی مکان آخر: (عیسی بن شلقان)(3) وعده من أصحاب الصادق علیه السلام، وقال عن نفس هذا الشخص فی


1- أعیان الشیعة للسید محسن الأمین: ج5 – ص411.
2- رجال الطوسی للشیخ الطوسی ص258 باب من روی عن أبی عبد الله جعفر بن محمد، تحت رقم (3647)556.
3- المصدر السابق تحت رقم 559.

ص: 89

مکان ثالث: (عیسی بن صبیح العرزمی من أصحاب الصادق علیه السلام)(1)، والشیخ الکشی علیه الرحمة عد کل هذه الأسماء لشخص واحد فقال: (سألت حمدویه بن نصیر عن عیسی فقال: خیر فاضل هو المعروف بشلقان وهو ابن أبی منصور، واسم أبی منصور صبیح)(2) وقال التفریشی فی نقد الرجال: (وما ذکره الشیخ مرة بعنوان ابن منصور ومرة بعنوان ابن شلقان ومرة بعنوان ابن صبیح لا یدل علی التعدد، لان مثل هذا کثیر فی کتابه مع قطعنا بالاتحاد)(3).

إذن؛ فعند القطع بالاتحاد فیما إذا کان هذا القطع مستندا إلی قرینة معینة؛ لا یهم حینئذ تعدد الاسم أو الکنیة وهذا التعدد لا یضر فی وثاقة الراوی، ولا یصیره مجهولا.

ومما یدل علی وثاقة الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المؤدب أو المکتب علی الرغم من الاختلاف فی اسمه أو کنیته ما قد تقدم ذکره من کلام السید محمد علی الأبطحی: (... ثم إن الاقتصار علی اسم أبیه أو مع ذکر جده أحمد أو ذکره کما تقدم فی العنوان __ الحسین بن إبراهیم بن هشام المؤدب المکتب __ لا یدل علی التعدد، وذلک بقرینة من روی عنه، فلاحظ)(4).


1- رجال الطوسی للشیخ الطوسی ص258 باب من روی عن أبی عبد الله جعفر بن محمد، تحت رقم 564.
2- رجال الشیخ الکشی: ص330، وص600. اختیار معرفة الرجال للشیخ الطوسی ج2 ص622 تحت الرقم 600، خلاصة الأقوال للعلامة الحلی: ص215، الباب 13 تحت رقم2.
3- نقد الرجال للتفریشی: ج3، ص386، تحت عنوان عیسی بن أبی منصور شلقان (4022)3.
4- تهذیب المقال فی تنقیح کتاب النجاشی للسید محمد علی الأبطحی: ج2، ص373، فی الحسین بن إبراهیم بن أحمد المؤدب.

ص: 90

الأمر الثانی: هل کثرة الروایة والترضی والترحم علی الراوی  دلیل علی وثاقته؟

قد مر علینا __ فیما سبق __ ان الشیخ الصدوق علیه الرحمة والرضوان کان کثیر الروایة عن الحسین بن أحمد المکتب، وکان أیضا کثیر الترضی والترحم علیه فی أغلب المرات التی یذکره فیها، فهل فی کل ذلک دلیل علی وثاقته وجلالة قدره؟.

وهذا ما سیجیبنا علیه غیر واحد من علماء الرجال المتبحرین؛ أمثال السید میر داماد محمد باقر الحسینی الأسترآبادی فی کتابه الرواشح السماویة،(1) والسید بحر العلوم فی کتابه الفوائد الرجالیة(2)، ومحمد بن محمد إبراهیم الکلباسی فی الرسائل الرجالیة(3) حیث قالوا بأجمعهم ما نصه: (إن لمشایخنا الکبراء مشیخة یوقرون ذکرهم، ویکثرون من الروایة عنهم، والاعتناء بشأنهم، ویلزمون إرداف تسمیتهم ب_(الرضیلة عنهم)(4)، أو (الرحملة لهم)(5) البتة، فأولئک أیضاً ثبت فخماء واثبات أجلاء، ذکروا فی کتاب الرجال أو لم یذکروا والحدیث من جهتهم صحیح معتمد علیه، نص علیهم بالتزکیة والتوثیق أو لم ینص: وهم کأبی الحسین علی بن أحمد بن أبی جید، وأبی عبد الله الحسین بن عبید الله الغضائری،


1- الرواشح السماویة: ص170، الراشحة الثالثة والثلاثون فی ان روایة الثقة تعدیل لمن روی عنه أم لا.
2- الفوائد الرجالیة للسید بحر العلوم: ج4، ص70 (فائدة 3) بحث فی العدالة وکیفیة معرفتها ومدی الحاجة إلیها.
3- الرسائل الرجالیة: ج2، ص422.
4- أی یقول رضی الله عنهم.
5- أی یقول رحمهم الله.

ص: 91

وأبی عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، أشیاخ شیخ الطائفة أبی جعفر الطوسی... وکأشیاخ الصدوق ابن الصدوق عروة الإسلام أبی جعفر محمد بن علی بن بابویه رضوان الله تعالی علیهما: الحسین بن أحمد بن إدریس أبی عبد الله الأشعری القمی أحد أشیاخ التلعکبری أیضا، ذکره الشیخ فی کتاب الرجال. ومحمد بن علی بابویه القمی ذکره الشیخ فی کتاب الرجال وأبی العباس محمد بن إبراهیم بن إسحاق الطالقانی، وأحمد بن علی بن زیاد، ومحمد بن موسی بن المتوکل، وأحمد بن محمد بن یحیی العطار أحد شیوخ التلعکبری ذکره الشیخ فی کتاب الرجال وجعفر بن محمد بن مسرور، وعلی بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، والمظفر بن جعفر بن المظفر العمری العلوی أحد أشیاخ التلعکبری أیضا ذکره الشیخ فی کتاب الرجال. ومحمد بن محمد بن عصام الکلینی، وعلی بن أحمد بن موسی. فهؤلاء کلما سمی الصدوق واحدا منهم فی مسندة الفقیه، وفی أسانیده المعنعنة فی کتاب عیون أخبار الرضا، وفی کتاب عرض المجالس، وفی کتاب کمال الدین وتمام النعمة، قال: "رضی الله تعالی عنه". وکلما ذکر اثنین منهم أو قرن أحدا منهم بمحمد بن الحسن بن الولید أو بأبیه الصدوق، قال: "رضی الله تعالی عنهما". وکلما سمی ثلاثة منهم، أو قرن أحدا منهم بهما، أو اثنین منهم بواحد منهما، قال: "رضی الله تعالی عنهم". وکذلک أشیاخه: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النیسابوری، والحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هاشم المؤدب...).

فثبت مما تقدم أن الحسین بن إبراهیم المؤدب ثقة فخم ثبت جلیل وحدیثه صحیح معتمد، والقائل بخلاف ذلک من أنصاف المتعلمین جاهل، لا یعتد بکلامه، ولا یوثق بنقله.

ص: 92

الإشکال الثالث: إن روایة السمری من أخبار الآحاد لا توجب علماً ولا عملاً

اشارة

وزعم بعض من لا حظَّ له من العلم ان روایة الشیخ السمری قدس الله روحه مردودة، لکونها من روایات الآحاد غیر المتواترة، وروایات الآحاد بزعمه لا توجب علما ولا عملا، فلا یحتج بها بناء علی ذلک.

ویرد علی هذا الجاهل بأمور منها: کون أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا وهماً ظاهراً، لان خبر الواحد الذی لا یوجب علما ولا یلزم العمل به هو الخبر الضعیف، أو المرسل، أو المعارض بخبر أقوی منه دلالة أو سنداً، وما بقی من أفراد خبر الآحاد الخالیة من تلک الأمور العارضة، فمحکوم علیه بالصحة لدی الأعلام من علماء الطائفة، وعلیه المعول فی مقام العلم والعمل، وهذا مما اشتهر بین علماء الطائفة الإمامیة، وإلزاماً للمعاندین سنستعرض هنا بعض أقوال العلماء الأعلام فی حجیة خبر الواحد والشروط التی بموجبها یکون الخبر حجة وموجبا للعلم والعمل.

القول الأول: قال الشیخ المفید فی (التذکرة بأصول الفقه) ما یأتی: (حکم بحجیة الخبر الواحد بشرط الاقتران بقرینة تؤید صدقه، أو بدلیل عقلی، أو بشاهد من عرف، أو بالإجماع غیر المخالف)(1).

القول الثانی: وقال الشیخ الطوسی فی (الاستبصار): (اعلم إن الأخبار علی ضربین: متواتر وغیر متواتر، فالمتواتر منها ما أوجب العلم فما هذا سبیله یجب العمل به من غیر توقع شیء ینضاف إلیه ولا أمر یقوی به ولا یرجح به علی غیره، وما یجری هذا المجری(2) لا یقع فیه التعارض ولا التضاد فی أخبار النبی قدس الله روحه


1- التذکرة بأصول الفقه للشیخ المفید: ص7.
2- أی وما یجری مجری الخبر المتواتر.

ص: 93

والأئمة علیهم السلام. وما لیس بمتواتر(1) علی ضربین، فضرب منه یوجب العلم أیضاً(2)، وهو کل خبر تقترن إلیه قرینة توجب العلم، وما یجری هذا المجری یجب أیضاً العمل به، وهو لاحق بالقسم الأول(3).

والقرائن أشیاء کثیرة منها: أن تکون مطابقة لأدلة العقل ومقتضاه. ومنها(4) أن تکون مطابقة لظاهر القرآن، إما لظاهره أو عمومه أو دلیل خطابه أو فحواه، فکل هذه القرائن توجب العلم وتخرج الخبر عن حیز الآحاد وتدخله فی باب المعلوم.

ومنها(5) أن تکون مطابقة للسنة المقطوع بها إما صریحاً أو دلیلاً أو فحوی أو عموماً.

ومنها أن تکون مطابقة لما أجمع المسلمون علیه. ومنها أن تکون مطابقة لما اجتمعت علیه الفرقة المحقة فإن جمیع هذه القرائن تخرج الخبر من حیز الآحاد وتدخله فی باب المعلوم وتوجب العمل به...)(6).

واستنادا إلی ما قد بینه کل من الشیخ المفید والشیخ الطوسی علیهما الرحمة والرضوان، فلو تفحصنا روایة التوقیع المقدس، الذی صدر عن الإمام


1- یعنی خبر الآحاد.
2- وإذا أوجب العلم فإنه یوجب العمل قطعاً.
3- أی لاحق بالخبر المتواتر.
4- أی ومن هذه القرائن التی توجب العلم.
5- أی ومن هذه القرائن التی توجب العلم وتخرج الخبر عن حیز الآحاد وتدخله فی باب المعلوم.
6- کتاب الاستبصار للشیخ الطوسی: ج1، ص3.

ص: 94

المهدی صلوات الله وسلامه علیه، وطبقنا علیه ما سبق، لوجدنا أن هذا التوقیع الشریف، هو من الأقسام التی توجب العلم والعمل، لأنه مقرون ومحفوف بالقرائن الحالیة والمقالیة التی تخرج الخبر عن حیز الآحاد وتدخله فی باب المعلوم المعمول به، ولا بأس ببیان بعض تلک القرائن فی الآتی:

القرینة الأولی: القرینة الداخلیة تؤید صحة صدوره

تعیین المدة التی سیتوفی فیها السفیر الرابع، وهی ستة أیام من حین وصول الکتاب إلیه، وصدق هذه المدة وموته قدس الله روحه خلالها قرینة دالة علی صدق صدوره من الناحیة المقدسة کون المخبر بهذه المدة والأجل له ارتباط بعالم الغیب، وهذه المنزلة لم تکن متاحة لغیر صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه.

القرینة الثانیة: التوقیع هو الإعلان الوحید لانتهاء الغیبة الصغری

روایة الشیخ السمری وتوقیعه، هی الوحیدة المذکور فیها الإعلان بانتهاء الغیبة الصغری، وبدایة الغیبة الکبری التامة، التی لا ظهور فیها إلا بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض ظلماً وجوراً، وهذا أیضاً مما یمکن أن نعدّه قرینة صادقة علی صحة صدوره عن المعصوم، فحتی الذین یشککون فی صحة صدور هذا التوقیع من الناحیة المقدسة، لو سألناهم متی انتهت الغیبة الصغری وابتدأت الغیبة الکبری؟ لأجابوا بأن الغیبة الصغری قد انتهت بوفاة الشیخ السمری قدس الله روحه، فلو کذبوا صدور هذا التوقیع ومحتواه، لتعین علیهم القول بأن الغیبة الصغری ما زالت مستمرة لم تنته، وإذا قالوا بعدم انتهائها لزمهم أن یبینوا من هو السفیر بعد السمری قدس الله روحه، ثم الذی هو بعده وبعده إلی یوم

ص: 95

الناس هذا، فإن لم یستطیعوا ولن یستطیعوا، فعلیهم حینئذ أن یقروا بصحة صدور توقیع السمری قدس الله روحه وابتداء الغیبة الکبری، وإذا لزمهم التصدیق به یلزمهم التصدیق بکل محتواه ومن ضمن محتواه تکذیب المشاهدة مع ادعاء السفارة قبل الصیحة والسفیانی، والذی ینسف بدوره کل ما بناه أدعیاء السفارة الخاصة فی الغیبة الکبری من أجل إضلال الناس.

القرینة الثالثة: إجماع الطائفة قرینة علی صدق صدوره

ومن القرائن الأخری التی تؤید صحة صدور التوقیع المقدس عن الإمام الثانی عشر صلوات الله وسلامه علیه هی أن هذا الخبر کان ولازال محل قبول ورضا من قبل الفقهاء والأعلام حدیثاً وقدیماً وعلیه المعول فی مقام العمل منذ رحیل الشیخ السمری إلی یوم الناس هذا، ولا وجود لمعترض علیه، أو علی مضمونه إلا من شذ ممن لا یعتد برأیه فی مقابل الإجماع، وبهذا الصدد یقول المیرزا محمد تقی الأصفهانی: (اعلم أنه اتفقت الإمامیة علی انقطاع الوکالة، واختتام النیابة الخاصة، بوفاة الشیخ الجلیل علی بن محمد السمری رضی الله عنه وهو الرابع من النواب الأربعة، الذین کانوا مرجعا للشیعة فی زمان الغیبة الصغری، وأنه لیس بعد وفاة السمری إلی زمان ظهور الحجة عجل الله تعالی فرجه الشریف نائب مخصوص عنه فی شیعته، وأن المرجع فی زمان غیبته الکبری هم العلماء العاملون، الحافظون لحدود الله، وأن من ادعی النیابة الخاصة فهو کاذب مردود، بل یعد ذلک من ضروریات مذهب الإمامیة التی یعرفون بها، ولم یخالف فی ذلک أحد من علمائنا، وکفی بهذا حجة وبرهانا)(1).


1- مکیال المکارم للمیرزا محمد تقی الأصفهانی: ج2، ص333.

ص: 96

فلو کان هذا التوقیع مجعولاً ومکذوباً ما اشتهر أمره ولا شاع ذکره، ولورد عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه أمرٌ ینهانا عن التصدیق به، لاستحالة أن یری الإمام صلوات الله وسلامه علیه القواعد الشعبیة الموالیة له مجمعة علی أمر خطیر کالذی نحن بصدد نفیه، ویسکت عنهم، ولا یصدر منه أمر یعید إلیهم رشدهم، ویصحح مسارهم، وینقض إجماعهم.

ولو کان هذا التوقیع مکذوبا لنوّه إلیه العلماء الأعلام فی کتبهم، ولحذروا الناس والعامة من العمل والتصدیق به والرکون إلیه، ولما لم یصدر کل هذا لا من المعصوم صلوات الله وسلامه علیه، ولا من العلماء والفقهاء المأمونین علی حفظ الدین والشریعة رضوان الله تعالی علیه، اکتشفنا أن هذا التوقیع صادر علی نحو الجزم والقطع من الناحیة المقدسة للإمام صلوات الله وسلامه علیه، ومعتمد علیه من قبل علماء الطائفة الحقة.

القرینة الرابعة: موافقة التوقیع مع المرجحات الروائیة

وهی موافقة توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه لأدلة السنة المقطوع بها والتی أقرها الأئمة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین لشیعتهم من اجل التمییز بین الأخبار فی حال حصول تناقض أو تنافی أو تشابه فیما بینها.

فالطرف الذی یحاول عبثا إثبات عدم انتهاء السفارة والنیابة الخاصة یتمسک بروایات متشابهة لا تحظی بالشهرة أو الإجماع، ویمکن ان تحمل علی عدة وجوه، فلو عرضنا هذه الروایات من جهة، والتوقیع المقدس النافی للسفارة والنیابة من جهة أخری علی تلک الروایات لرأینا أنّ التوقیع المقدس یحظی بالموافقة معها دون

ص: 97

تلکم الروایات التی یتمسک بها من یحاول إثبات استمرار السفارة بعد موت الشیخ السمری قدس الله روحه.

فالتوقیع الشریف موافق مع مرفوعة زرارة التی سأل فیها الإمام الباقر صلوات الله وسلامه علیه بما نصه:

«جعلت فداک یأتی عنکم الخبران أو الحدیثان المتعارضان فبأیهما آخذ؟ فقال صلوات الله وسلامه علیه: یا زرارة خذ بما اشتهر بین أصحابک ودع الشاذ النادر...»(1).

وقد بینا سابقاً أن الإجماع جار علی العمل بتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه من حین صدوره إلی الیوم، ولا عبرة بمن شذ من أدعیاء البابیة والسفارة والنیابة الخاصة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فی غیبته الکبری، لأننا مأمورون بتکذیبهم وتکذیب ادعاءاتهم.

والتوقیع الشریف أیضاً موافق لما فی مقبولة عمر بن حنظلة حیث قال:

«سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجلین من أصحابنا بینهما منازعة فی دین أو میراث، فتحاکما إلی السلطان وإلی القضاة أیحل ذلک؟ قال علیه السلام: من تحاکم إلیهم فی حق أو باطل فإنما تحاکم إلی الطاغوت، وما یحکم له فإنما یأخذ سحتا، وإن کان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحکم الطاغوت، وقد أمر الله أن یکفر به قال الله تعالی:


1- بحار الأنوار: ج2، ص245. فقه الرضا لابن بابویة: ص52. مستدرک الوسائل: ج17، ص203.

ص: 98

((یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحَاکَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ یَکْفُرُوا بِهِ))(1).

قلت: فکیف یصنعان؟ قال: ینظران __  إلی __ من کان منکم ممن قد روی حدیثنا ونظر فی حلالنا وحرامنا وعرف أحکامنا، فلیرضوا به حکما، فإنی قد جعلته علیکم حاکما، فإذا حکم بحکمنا فلم یقبله منه فإنما استخف بحکم الله، وعلینا ردَّ والرادُّ علینا کالراد علی الله، وهو علی حد الشرک بالله. قلت: فإن کان کل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضیا أن یکونا الناظرین فی حقهما، واختلفا فیما حکما وکلاهما اختلفا فی حدیثکم؟ قال: الحکم ما حکم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما فی الحدیث وأورعهما ولا یلتفت إلی ما یحکم به الآخر، قال: قلت: فإنهما عدلان مرضیان عند أصحابنا لا یفضل واحد منهما علی الآخر؟ قال: فقال: ینظر إلی ما کان من روایتهم عنا فی ذلک الذی حکما به المجمع علیه من أصحابک فیؤخذ به من حکمنا ویترک الشاذ الذی لیس بمشهور عند أصحابک فإن المجمع علیه لا ریب فیه»(2).

والشاهد فی هذه الروایة قوله صلوات الله وسلامه علیه:

«ینظر إلی ما کان من روایتهم عنا فی ذلک الذی حکما به المجمع علیه من أصحابک فیؤخذ به من حکمنا ویترک الشاذ الذی لیس بمشهور عند أصحابک فإن المجمع علیه لا ریب فیه».


1- سورة النساء، الآیة: 60.
2- الکافی للکلینی: ج1، ص68. باب اختلاف الحدیث حدیث رقم 10. الاحتجاج للشیخ الطبرسی: ج2، ص107، عند ترجمة عمر بن حنظلة العجلی البکری الکوفی من أصحاب الصادق علیه السلام.

ص: 99

والمستظهر من هاتین الروایتین کما یقول الشیخ الأنصاری: (هو ثبوت الریب فی الخبر غیر المشهور وانتفاؤه فی المشهور)(1) فیکون المشهور من الأمر هو الأمر البین الراشد، وغیره غیر بین ولا راشد، وعلیه فیجب العمل بالخبر المشهور والمجمع علیه لأنه موصوف بکونه مما لا ریب فیه أی مما لا شک فی صدقه وصحة صدوره عن المعصوم علیه السلام، فیخرج بذلک عن وصف الآحاد، ویکون موجباً للعلم والعمل، وروایة التوقیع المقدس مما ینطبق علیها ذلک.

وهنالک قرائن أخری ترکناها طلباً للاختصار.

وبقیت لنا ملاحظة أخیرة

وهی أن الذین شحذوا نصول أقلامهم للنیل من قداسة التوقیع المقدس، ورمیه بکل فریة تخطر فی أذهانهم، فی سبیل تقویض أرکان هذا السد، الذی عجز عن خرقه جنود الضلالة، وأشباه یأجوج ومأجوج، فهؤلاء قد تناسوا أن ما افتروه من إفک، وما رموا به من سهم غدر، یمکن أن یرتد إلی نحورهم، وبه تکون نهایة حججهم الضالة، فما افتروه سابقا من أن توقیع الشیخ السمری رحمه الله هو من روایات الآحاد التی لا توجب علماً ولا عملاً، مردود علیهم إفکه. لان کل الروایات التی یستشهد بها دعاة النیابة الخاصة والسفارة فی الغیبة الکبری، وکل الأدلة التی یقیمونها لإثبات استمرار السفارة والنیابة الخاصة هی أخبار آحاد لا تواتر فیها ولا إجماع. فإن أسقطوا هذا التوقیع المقدس لأنه خبر آحاد، فلابد علیهم قبل ذلک أن یسقطوا کل ما یروونه فی کتبهم ومحاججاتهم، لعدم وجود ما هو متواتر ولا مجمع علیه فی أدلتهم التی أودعوها کتبهم الضالة.


1- فرائد الأصول للشیخ الأنصاری ج1 ص612 ما یظهر من بعض الأخبار.

ص: 100

وأما إذا قبلوا تلک الأخبار غیر المتواترة ولا المجمع علیها، فلابد أیضاً من قبول روایة التوقیع المقدس، وبهذا یکون التوقیع المقدس الصادر عن الشیخ السمری قدس الله روحه لازماً لهم وحجة علیهم علی کل حال.

الإشکال الرابع: إنّ توقیع السمری معارض بغیره من الروایات

اشارة

ادعی المنکرون لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه ان توقیعه الذی ینفی فیه إمکانیة المشاهدة للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فی عصر غیبته الکبری معارض بغیره من الروایات التی تثبت بمجموعها إمکان المشاهدة لشخص الإمام سواء فی غیبته الصغری أو الکبری التامة، وسنختار فیما یلی مجموعة من الروایات التی تمسک بها الخصم لإثبات تلک المعارضة:

الروایة الأولی: لا یعلم بمکان الإمام المهدی علیه السلام إلا خاصة موالیه

اشارة

ما جاء عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«للقائم غیبتان إحداهما قصیرة والأخری طویلة، الغیبة الأولی لا یعلم بمکانه فیها إلا خاصة شیعته، والأخری لا یعلم بمکانه فیها إلا خاصة موالیه»(1).

والشاهد هو: فی قول الصادق صلوات الله وسلامه علیه: (والأخری لا یعلم بمکانه إلا خاصة موالیه) وفیه حسبما یدعی الخصم دلالة واضحة علی ان هنالک أشخاصا موصوفین بأنهم من موالی الإمام وموسومین بسمة الإخلاص له صلوات الله وسلامه علیه، وبإمکان هؤلاء المخلصین مشاهدته صلوات الله وسلامه علیه، بل وبإمکانهم الإطلاع علی مکانه صلوات الله وسلامه علیه، والإطلاع أکثر خطورة من مجرد المشاهدة کما لا یخفی.


1- أصول الکافی: ج1، ص340، باب فی الغیبة الحدیث رقم 19.

ص: 101

والحق إن هذه الروایة غیر متعارضة لتوقیع السمری قدس الله روحه، بل ان کلا الروایتین معاضدة إحداهما الأخری ویمکن ذکر عدة وجوه لإثبات ذلک:

الوجه الأول: ان الروایتین مجمعتان علی تعدد الغیبة

ان کلتا الروایتین تذکران أن هنالک غیبتین للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، إحداهما قصیرة والأخری طویلة، ففی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه قد ذکر ما یلی: (ولا توص إلی أحد یقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغیبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلک بعد طول الأمد...).

ففیه تصریح واضح ان هنالک غیبتین، أحداهما تمتاز بکونها قصیرة غیر تامة، والأخری طویلة، سیمتد أمدها، وهو نفس ما ذکرته الروایة التی عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه، والتی جاء فیها: (للقائم غیبتان إحداهما قصیرة والأخری طویلة...) فهذا کما لا یخفی وجه اتحاد بین الروایتین لا وجه اختلاف وتعارض کما تخیله المعترض.

الوجه الثانی: انهما مجمعتان علی ان الاجتماع مع الإمام ممکن فی الصغری

وفی کلتا الروایتین مذکور أن فی أحدی الغیبتین وهی الصغری، یوجد من یتصل بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، ویبلغ عنه أوامره وإرشاداته وأحکام الشریعة التی یحتاج إلیها المجتمع فی تلک الفترة، وهم السفراء الأربعة، أو غیرهم من الوکلاء المرضیین فی الغیبة الصغری، أو خاصة شیعته، کما فی الروایة التی عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه، وهذا وجه اتحاد آخر بین الروایتین کما لا یخفی.

ص: 102

الوجه الثالث: لا دلالة فی الروایة علی ادعائهم للسفارة

ولکن قد یُتوهم أن هنالک تعارضاً فیما بین قول الإمام المهدی أرواحنا فداه فی روایة السمری قدس الله روحه:

«وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم».

وبین ما جاء عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه:

«والأخری لا یعلم بمکانه إلا خاصة موالیه».

والصحیح انه لیس بین هاتین الفقرتین تعارض أصلا، فقد تبین سابقا أنْ لیس مطلق المشاهدة واللقاء بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه مرفوضا وممنوعا، وأنّ القرائن دالة علی أنّ المشاهدة المرفوضة واللقاء غیر المقبول هو المستلزم لدعوی السفارة والوصایة.

ولیس فی الروایة الثانیة الواردة عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه ما یشعر أو ینص علی أنّ خواص موالیه الذین یعلمون بمکانه أثناء غیبته الکبری هم ممن یدعون السفارة والإرسال الخاص، فإذا لم یکونوا یدعون السفارة والنیابة الخاصة، ولم یکونوا ممن یعلن ارتباطه بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه أمام الناس، فلا محذور حینئذ بین علمهم بمکان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه وبین الغیبة التامة، ما دام العلم بشخصه صلوات الله وسلامه علیه مکتوما خفیا، وعلیه لا تعارض یبقی بین هاتین الروایتین بل العکس هو الصحیح فکل واحدة منهما تعضد الأخری وتؤید صحة مضمونها.

ص: 103

الوجه الرابع: الروایة تنطبق علی من یکون بمنزلة الخضر وبعض الملائکة

یمکن لنا وبمجموعة من القرائن المستفادة من الروایات الشریفة، إن نکتشف بعض الشخصیات التی لها أهلیة العلم بمکان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فی غیبته الکبری، مثل الخضر صلوات الله وسلامه علیه الذی ورد ذکر إمکان التقائه بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فی الروایة المنقولة عن الإمام الرضا صلوات الله وسلامه علیه حیث قال:

«إن الخضر شرب من ماء الحیاة فهو حی لا یموت حتی ینفخ فی الصور، وإنه لیأتینا فیسلم علینا، فنسمع صوته ولا نری شخصه، وإنه لیحضر حیث ذکر، فمن ذکره منکم فلیسلم علیه، وإنه لیحضر المواسم فیقضی جمیع المناسک، ویقف بعرفة فیؤمن علی دعاء المؤمنین، وسیؤنس الله به وحشة قائمنا صلوات الله وسلامه علیه فی غیبته، ویصل به وحدته»(1).

ومثل مؤمنی الجن ممن تکاملت درجتهم وعلت مرتبتهم، وکذلک الملائکة؛ فعن المفضل بن عمر عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه:

«قال المفضل: قلت: یا سیدی فمن یخاطبه __ أی المهدی __ ولمن یخاطب؟ قال الصادق صلوات الله وسلامه علیه: تخاطبه الملائکة والمؤمنون من الجن...»(2).

فیکون معنی أنه لا یراه فی غیبته الکبری إلا خاصة موالیه، محمولا علی ان الموالی الذین لهم الأهلیة بالاطلاع علی مکانه والالتقاء به، هم من یکون بمنزلة الخضر صلوات الله وسلامه علیه، والملائکة ومؤمنی الجن، ممن لا یمکن ان یهتک ستر


1- بحار الأنوار: ج52، ص152.
2- أصول الکافی: ج1، ص340.

ص: 104

الغیبة ویفشی سر آل محمد صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین بحال من الأحوال، لا کل من هب ودب ممن لا یُعرف سجل تاریخهم ولا میزان تقواهم، بل قد علم واشتهر کذبهم وتضلیلهم، فکیف یصیر مثل هؤلاء للإمام المهدی مؤنسین ولمکانه عارفین.

وأخیرا وإذا لم یقتنع الخصم بما ذکر آنفا من التوفیق بین الروایتین الشریفتین، وأصر علی وجود التعارض بین الروایتین، فسنرجع حینئذ إلی المرجحات، وقد اتضح لنا فیما سبق ان واحدة من أهم المرجحات هی الشهرة والإجماع، والشهرة والإجماع کما قد بینا سابقا هی فی صف روایة الشیخ السمری قدس الله روحه، فتقدم علی غیرها، ویعمل بمضمونها، لان المجمع علیه لا ریب فیه، کما فی مقبولة عمر بن حنظلة(1) التی تقدم ذکرها، وتترک الأخری؛ لأنها من الشاذ النادر عملا بمرفوعة زرارة بن أعین عن الباقر صلوات الله وسلامه علیه(2).

الروایة الثانیة: ان مع الإمام المهدی ثلاثین شخصا یذهبون عنه الوحشة

اشارة

ومن تلک الروایات التی توحی بالتعارض مع توقیع الشیخ السمری علیه الرحمة والرضوان ما روی عن أبی بصیر عن الصادق صلوات الله وسلامه علیه قال:

«لابد لصاحب هذا الأمر من غیبة، ولابد له فی غیبته من عزلة ونعم المنزل طیبة وما بثلاثین من وحشة»(3).


1- الکافی للکلینی: ج1، ص68، باب اختلاف الحدیث حدیث رقم 10. الاحتجاج للشیخ الطبرسی: ج2، ص107، عند ترجمة عمر بن حنظلة العجلی البکری الکوفی من أصحاب الصادق علیه السلام.
2- بحار الأنوار: ج2، ص245. فقه الرضا لابن بابویه: ص52. مستدرک الوسائل: ج17، ص203.
3- أصول الکافی: ج1، ص340.

ص: 105

ووجه التعارض فی هذه الروایة: هو أنها تثبت وجود ثلاثین شخصا یتصلون بالإمام المهدی علیه السلام، یؤنسون وحشته، ویخففون عنه الغربة فی غیبته، ووجود مثل هذا العدد الکبیر نسبیا من المتصلین بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، یتعارض وما جاء علی لسان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه الوارد فی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه:

«وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم».

والجواب عن هذا التعارض یقع من عدة أوجه:

الوجه الأول: انها من قبیل المجمل المحتاج لمبین ومفسر

إن هذه الروایة من قسم المجمل الذی یحتاج إلی مبین ومفسر، فهی لم تحدد فی أی قسم من أقسام الغیبة تکون هذه العزلة، والتی سیستقر فیها الإمام صلوات الله وسلامه علیه فی طیبة، والذی سیؤنس وحشته ثلاثون من المقربین، أفی الغیبة الصغری ستکون هذه العزلة أم الکبری؟ وان کانت القرائن الموجودة فی الروایة تشعر بأنّ هذه العزلة قد تحققت أثناء الغیبة الصغری، بقرینة قوله صلوات الله وسلامه علیه: (ونعم المنزل طیبة) وهذا التعیین لمکان الإمام صلوات الله وسلامه علیه لا یتناسب مع السریة والحیطة والحذر التی تتمیز بها مرحلة الغیبة التامة الکبری، لان مع تعیین المکان لا تبقی تمامیة للغیبة، إذ ان مع الکشف عن المکان وعن عدد الأشخاص الذین یمکنهم الوصول إلیه لا تبقی أیة سریة وهذا ما لا یتناسب کلیا مع جوهر الغیبة الکبری وروحها.

ص: 106

وما ذکر من تعیین موقع ومکان تواجده صلوات الله وسلامه علیه وعدد من یمکنهم الاتصال به صلوات الله وسلامه علیه إنما یتناسب مع مرحلة الغیبة الصغری یوم کان للإمام صلوات الله وسلامه علیه طریق یمکن من خلاله أن یصل الناس إلیه، فیصبح معنی الروایة هو:

«لابد لصاحب هذا الأمر من غیبة صغری غیر تامة یعتزل فیها الناس ونعم المنزل الذی یصلح ان یکون مأوی لعزلته هی طیبة وما بثلاثین شخصا یتصلون به من وحشة».

وقد تکون الوحشة التی ذکرت فی الروایة غیر متعلقة بشخص الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه لان الإمام صلوات الله وسلامه علیه أجل قدرا وأعظم صبرا من أن یصاب بالوحشة نتیجة عدم تواجده بین ظهرانی هذا المجتمع الذی طالما وصفه الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه خلال مکاتباته وتوقیعاته التی کانت تخرج للناس بالانحراف والبعد عن المنهج الإسلامی القویم، ومجتمع علی هذه الشاکلة یکون بعیدا أن یحن له قلب الإمام صلوات الله وسلامه علیه ویستوحش لترکه، حتی یحتاج إلی ثلاثین شخصا یؤنسه، وکیف یستوحش من یکون الله سبحانه أنیسه والقرآن جلیسه والخضر صلوات الله وسلامه علیه صاحبه وصالحو الجن والملائکة من حوله وفی خدمته؟ هیهات.

وعلی هذا التفسیر للروایة تکون الوحشة التی ورد ذکرها متعلقة بالمجتمع المؤمن بفکرة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه فهو الموصوف والمقصود بتلک الروایة، لان المجتمع قبل وقوع الغیبة الصغری کان قد اعتاد علی وجود الإمام المعصوم بین ظهرانیه، وحصول الغیبة بعد استشهاد الإمام الحسن العسکری

ص: 107

صلوات الله وسلامه علیه حتی لو کانت جزئیة، فهی تمثل حالة جدیدة لم یألفها المجتمع الموالی، فمن الطبیعی والحال هذه أن یصاب أبناء هذا المجتمع بوحشة نتیجة غیاب إمامهم وموجّههم الذی اعتادوا علی الالتقاء به والوصول إلیه متی شاؤوا وأرادوا، والإمام فی هذه الروایة یرید أن ینفی ویبدد هذه الوحشة التی یمکن أن تصیب الموالین عن طریق ذکر هؤلاء الذین عددهم ثلاثون شخصا، والذین یمکنهم الاتصال بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، والذین من ضمنهم السفراء الأربعة وبعض الوکلاء الذین کانت تصلهم التوقیعات من ناحیته المقدسة، فوجود ثلاثین وساطة اتصال بین الإمام صلوات الله وسلامه علیه ورعیته لا تبقی معها وحشة تذکر.

وإذا لم یثبت بعد کل ما أوضحنا أن المراد بالغیبة المذکورة فی الروایة هو خصوص الغیبة الصغری دون الکبری، فیبقی حینئذ المعنی مجملا غیر مفسر، وإذا کان معنی الروایة مجملا فلا یمکن ان یؤخذ بها، ولا تصح ان تکون معارضة لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، لان التوقیع من قسم المبین ولا تعارض بین المجمل والمبین کما هو ثابت فی محله، کما انه لا یصح بحال من الأحوال رفع الید عن روایة عمل بها عظماء المذهب وسار علیها السلف والخلف بهذه الروایة المجملة التی تحمل وجوها کثیرة ومعانی عدیدة.

فضلاً عن ان مجرد ورود الاحتمال بأن من الممکن ان لا تکون الغیبة الکبری هی المقصودة __ کما بیناه __ کاف فی إسقاط استدلالهم بالروایة عملا بقاعدة (إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال).

ص: 108

الوجه الثانی: الثلاثون هم من له منزلة الخضر أو الملائکة أو مؤمنی الجن

إننا نمنع تحقق التعارض بین التوقیع المقدس، وقوله صلوات الله وسلامه علیه: (وما بثلاثین من وحشة) حتی لو قلنا: إن الروایة التی عن أبی بصیر ناظرة إلی الغیبة الکبری، وذلک بحمل قوله صلوات الله وسلامه علیه: (وما بثلاثین من وحشة) علی ما فسرناه سابقاً من أن هؤلاء الثلاثین یمکن أن یکونوا هم نفس الخضر صلوات الله وسلامه علیه والملائکة ومؤمنی الجن ویکون مجموعهم ثلاثین یدفع بهم الإمام صلوات الله وسلامه علیه وحشته فی غیبته. ولعل هؤلاء الثلاثین المؤنسین لوحشة القائم صلوات الله وسلامه علیه، لو قلنا بأنه صلوات الله وسلامه علیه یمکن ان تدخل لقلبه الوحشة، هم نفس المعبر عنهم بالأبدال، الذین یلازمون الإمام فی غیبته، وهم مشارکون له بالغیبة وعدم الکشف عن أشخاصهم وأماکنهم، وهذا موافق لروایة السمری لأنه لا وجود للخطر علی سریة الغیبة من قبلهم، وکذلک لا وجود لدعوی السفارة منهم، وعلیه فلا یکون هؤلاء الأبدال مشمولین بقول الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه:

«وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم».

ولو فرضنا بقاء التعارض بین هذه الروایة وبین التوقیع الشریف، بحیث استحکم، فإن الروایتین المتعارضتین ترجح أحداهما علی الأخری بإحدی طرق الترجیح، وکما ذکرنا فإن الشهرة مع روایة الشیخ السمری، فتقدم للعلة التی بیناها من قبل، وکذلک تکون روایة أبی بصیر عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه مشمولة بقاعدة (إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال).

ص: 109

الروایة الثالثة: ان للإمام المهدی علیه السلام مولی یدعو الناس للنصرة

ومن تلک الروایات التی توحی بالتعارض مع روایة السمری رحمه الله وتوقیعه ما روی عن الإمام محمد بن علی صلوات الله وسلامه علیه:

«یکون لصاحب هذا الأمر غیبة فی بعض هذه الشعاب وأومأ بیده إلی ناحیة ذی طوی حتی إذا کان قبل خروجه أتی المولی الذی کان معه حتی یلتقی بعض أصحابه فیقول کم أنتم ههنا؟ فیقولون أربعین رجلاً فیقول کیف أنتم لو رأیتم صاحبکم؟ فیقولون: والله لو ناوی(1) بنا الجبال لناویناها معه»(2).

وقد حاول البعض استغلال هذه الروایة الشریفة، لتحقیق بعض المآرب الشیطانیة، واستغلالها لتمریر بعض الأفکار المسمومة، ودسها بصورة خبیثة، لیصل من خلالها إلی فکرة معینة یسوق إلیها القارئ سوقا من حیث لا یشعر فنراه یقول: (فإن هذه الروایة صریحة بأن الإمام المهدی یبعث المولی الذی کان معه رسولاً عنه إلی بعض أصحابه من المؤمنین، وذلک قبل القیام وقبل قتل النفس الزکیة بل الروایة لم تحدد الزمان، فلعلها قبل قیام الإمام بکثیر، فالإشارة إلی أن ذلک یحدث قبل القیام فقط دون تحدید...)(3).


1- هکذا فی غیبة الشیخ النعمانی وفی مصادر أخری (فیقولون: والله لو یأوی الجبال لنأویها) راجع إلزام الناصب فی إثبات الحجة الغائب للشیخ علی الیزدی: ص298. وفی شرح إحقاق الحق للسید المرعشی: ج29، ص605، هکذا (فیقولون والله لو ناوی بنا الجبال لناوینا معه بها).
2- کتاب الغیبة للنعمانی: ص182.
3- الرد القاصم علی منکری رؤیة القائم، ناظم العقیلی أحد أتباع الضال احمد بن الحسن.

ص: 110

أقول: وکل ما جاء ضمن کلمات صاحب هذه المقولة کذب وتدلیس وقلة اطلاع علی الروایات الشریفة، فقوله: (وذلک قبل القیام وقبل قتل النفس الزکیة بل الروایة لم تحدد الزمان فلعلها قبل قیام الإمام بکثیر) وهذا الادعاء مما تکذبه الروایات الشریفة، فقد ورد تحدید دقیق فی الروایات لتلک الحادثة التی نقلتها الروایة التی فی غیبة النعمانی، فقد جاء عن الإمام أبی جعفر صلوات الله وسلامه علیه أنه قال:

«یکون لصاحب هذا الأمر غیبة فی بعض هذه الشعاب ثم أومأ بیده إلی ناحیة ذی طوی حتی إذا کان قبل خروجه بلیلتین انتهی المولی الذی یکون بین یدیه حتی یلقی بعض أصحابه فیقول کم أنتم ههنا؟ فیقولون نحو من أربعین رجلاً، فیقول کیف أنتم لو قد رأیتم صاحبکم...»(1).

ثم ساق الروایة نفسها.

وفی هذه الروایة تصریح واضح أن ذلک کائن قبل خروجه صلوات الله وسلامه علیه بلیلتین، وهو بعد قتل النفس الزکیة قطعاً لأن ذا النفس الزکیة یقتل قبل خروجه صلوات الله وسلامه علیه بخمس عشرة لیلة بشهادة ما روی عن أبی عبد الله صلوات الله وسلامه علیه قال:

«لیس بین قیام القائم وبین قتل النفس الزکیة إلا خمس عشرة لیلة»(2).


1- بحار الأنوار: ج52، ص341. معجم أحادیث الإمام المهدی: ج5، ص26. تفسیر العیاشی: ج2، ص56.
2- الغیبة للشیخ الطوسی: ص445. ومثله فی کمال الدین وتمام النعمة للصدوق: ص649. وبحار الأنوار: ج52، ص203.

ص: 111

وهذه الروایة علی ما قد بیناه لا تعارض بینها وما جاء فی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه لأن التوقیع ینفی الرؤیة والمشاهدة مع المعرفة، والإرسال الخاص قبل الصیحة والسفیانی، وهذه الروایة تتحدث عن المشاهدة بعد الصیحة والسفیانی فلا تعارض بینهما فتأمّل.

الروایة الرابعة: رؤیة الإمام المهدی وتکذیب الناس لمن قد رآه

اشارة

ومن تلک الروایات التی یظن بأنها معارضة لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه ما روی عن احمد بن علی الحمیری عن الحسن بن أیوب عن عبد الکریم بن عمرو الخثعمی عن رجل عن أبی عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه علیه انه قال:

«لا یقوم القائم حتی یقوم اثنا عشر رجلاً کلهم یجمع علی قول إنهم قد رأوه فیکذبونهم»(1).

وفیها دلیل علی وجود من یراه قبل قیامه صلوات الله وسلامه علیه.

وهذه الروایة أیضا لا تصلح لان تکون معارضة لروایة الشیخ السمری قدس الله روحه وتوقیعه من أوجه عدة منها:

الوجه الأول: الروایة ضعیفة السند

ان هذه الروایة ضعیفة السند؛ لان من روی الروایة عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه علیه مجهول الحال والهویة فالسند المتقدم هکذا (... عن رجل عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام انه قال: لا یقوم القائم حتی یقوم اثنا عشر رجلاً...) وکلمة رجل تعبر عن جهالة الراوی وبالجهالة یثبت الإرسال وبالإرسال یثبت عدم


1- کتاب الغیبة لمحمد بن إبراهیم النعمانی: ص258، الباب الرابع عشر حدیث 58.

ص: 112

الوثوق، فلا یمکن لروایة ضعیفة غیر موثوق بها ان تعارض روایة الشیخ السمری قدس الله روحه التی عرفت فیما سبق قوة إسنادها.

الوجه الثانی: اضطرابها من حیث تعیین زمن الرؤیة

لو غضضنا الطرف عن ضعف الإسناد فی هذه الروایة، وناقشنا المتن بصورة مستقلة، فسنجدها مجملة مبهمة، لعدم وجود إشارة تدل بصراحة علی أن زمن وجود هؤلاء الذین سیجمعون علی القول برویته صلوات الله وسلامه علیه هو قبل السفیانی والصیحة، إذ لعل زمن رؤیتهم __ وهو الصحیح __ للإمام صلوات الله وسلامه علیه هو بعد الصیحة والسفیانی وهو ما لا تنافی بینه وبین التوقیع المقدس، وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال کما هو معلوم فی محله.

الوجه الثالث: لیس فی رؤیتهم دلیل علی سفارتهم

ان الروایة صریحة فی ان هؤلاء الإثنی عشر شخصا سیجمعون علی الرؤیة المجردة عن أی وصف زائد، ومجرد الرؤیة من دون ادعاء النیابة الخاصة والسفارة غیر منفی بتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، کما أوضحناه من قبل.

الوجه الرابع: لعل سفارتهم ستکون بعد السفیانی والصیحة

حتی لو سلمنا جدلا بان مجرد رؤیتهم دلیل علی سفارتهم ونیابتهم عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، فان التعارض ما بین هذا المعنی وتوقیع الشیخ السمری غیر حاصل البتة لوجود احتمال أن هذه السفارة والنیابة __ لو أقررنا بها __ ستقع بعد السفیانی والصیحة، وهذا الاحتمال لوحده کاف لإبطال استدلال الخصم، ف_(وجود الاحتمال کاف لإبطال الاستدلال).

ص: 113

الإشکال الخامس: إنّ التوقیع معارض لقصص اللقاء بالإمام

اشارة

نقلت لنا بعض القصص التی حکت لقاء کثیر من الناس لشخص الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه والتی رواها کثیر من ثقات الشیعة، حتی ان بعض تلک المشاهدات قد صرحت ان الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه کان یحمل بعض هؤلاء الصالحین النصائح والإرشادات التی یرغب الإمام صلوات الله وسلامه علیه بإیصالها للناس بقصد توجیههم وتربیتهم أو حل مشکلة معینة تواجههم، وهذا معارض لتوقیع الشیخ السمری الذی منع من مشاهدة الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه قبل الصیحة والسفیانی.

ویرد علی هذا الإشکال: ان هذه اللقاءات العابرة والوقتیة وغیر المبرمجة التی تقع لبعض المؤمنین بصورة عشوائیة غیر رتیبة، والتی تقع ضمن نظام معقد من الأسباب والمسببات الزمانیة والمکانیة، والتی تکون مأخوذة بنظر الاعتبار وبدقة من قبل الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه والتی لا یشعر بها ذلک الذی یلتقی بشخص الإمام صلوات الله وسلامه علیه، غیر مقصودة فی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه لعدة أسباب منها:

السبب الأول:  لیس فیها تفاصیل تکشف سر الغیبة

ذکرنا مرارا ان أی لقاء لا یتعارض مع مفهوم الغیبة ولا یکون فیه کشف للتفاصیل التی یمکن من خلالها الوصول إلی الإمام الحجة صلوات الله وسلامه علیه، ولیس فیه ادعاء للسفارة والنیابة لا مانع عقلیاً ولا شرعیاً منه، وهذا الأمر حاصل فی تلک المشاهدات لأولئک الثقات، لأنها وکما قلنا لقاءات عابرة تستمر لمدة زمنیة قصیرة لا یمکن معها البوح بالسر، وکشف ستر الغیبة، وهی أیضا لا تحصل للفرد الواحد إلا مرة واحدة وبشکل لا یتم من خلاله الالتفات عادة إلی شخصیة الإمام

ص: 114

المهدی صلوات الله وسلامه علیه أثناء اللقاء، فالأمن من الإذاعة وکشف السر وهتک الغیبة التامة مأمون وهو کاف لتحققها، ومصحح لوقوعها من غیر معارضة فیما بینها وبین التوقیع الشریف.

السبب الثانی: کل تلک المشاهدات وقعت من دون دعوی السفارة

تلک المشاهدات المرویة من قبل کثیر من ثقات الشیعة وعلمائهم، ذکرت من دون أن یدعی أحدهم النیابة الخاصة والسفارة، ولا شیع بین الناس ان الإمام کلفه بأن یکون الوساطة بینه صلوات الله وسلامه علیه وبین الشیعة بشکل دائم ومستمر، وما ذکر من تبلیغ هؤلاء الملتقین بالإمام لبعض النصائح والإرشادات للناس لا ینافی مضمون توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، لأن المنهی والمستبعد هو الإیصال أو دعوی الإیصال للتوجیهات والأحکام علی نحو الدوام والاستمرار، بحیث یُعرف عند الناس بأن هذا الشخص هو باب للإمام أو وصی للإمام أو سفیر له، یبلغ الناس أوامره، ویجمع له الأنصار والأعوان، إلی غیر ذلک من الأمور التی أمرنا بتکذیبها ورمی أصحابها بالافتراء.

الإشکال السادس: إنّ التوقیع داخل فی دائرة المحو والإثبات

اشارة

ما توهمه بعض المغرضین من أن روایة الشیخ السمری قدس الله روحه مشمولة بقانون المحو والإثبات، فیحتمل ان الله سبحانه وتعالی قد بدا له فیها، وتغیرت مضامینها، وتحولت من نفی المشاهدة قبل الصیحة والسفیانی إلی إمکان وقوعها وجوازها قبل السفیانی والصیحة، وعلیه فإذا وقعت هذه الروایة ضمن إمکان شمولها بقانون المحو والإثبات فلا یمکن الاعتماد علیها.

ص: 115

ویرد علی هذا التخرص بعدة أوجه منها:

الوجه الأول: الإشکال بلا دلیل

ان هذا الکلام ما هو إلا مجرد دعوی فارغة بلا دلیل فمن قال بشمول توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه بقانون المحو والإثبات، فهل أن المعترض قد متع بالنظر إلی اللوح المحفوظ لیعرف ما هو مشمول بالمحو وما هو مشمول بالإثبات؟

((تَکَادُ السَّمَاوَاتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا))(1).

الوجه الثانی: لا ترفع الید عن أمر مجمع علی صحته لمجرد الاحتمال

مجرد وجود احتمال شمولها بقانون المحو والإثبات لا یؤدی بنا إلی رفع الید عن العمل بها وبمضمونها، ما لم یأت نص صریح ثان یخبرنا بنسخ هذا التوقیع، وإیقاف العمل بمضمونه من أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین أنفسهم وبما أنه لم یأتنا عنهم أمر ناسخ لهذه الروایة، فیبقی لزوم العمل بها ساری المفعول إلی حین الصیحة والسفیانی.

الوجه الثالث: لا یمکن ان یکون التوقیع منسوخا لتأخره فی الصدور

حتی لو قلنا: إن روایة الشیخ السمری قدس الله روحه مشمولة بقانون المحو والإثبات؛ فإنها تکون ناسخة ولیست منسوخة، وحاکمة ولیست محکومة، ومقیدة لغیرها ولیس غیرها مقیداً لها، لأن روایة السمری متأخرة رتبة من حیث الصدور عن تلک الروایات التی یستشهد بها من یرید إثبات استمرار السفارة فی زمن الغیبة الکبری، ومن غیر المقبول عقلاً وعرفاً أن یکون المتأخر منسوخاً بالذی


1- سورة مریم، الآیة: 89 _ 90.

ص: 116

یسبقه، أو مقیداً بالذی قبله، والعکس هو الصحیح، فالقیود متأخرة رتبة عن المطلق، والمنسوخ لابد أن یکون متقدماً فی الوجود علی الناسخ، وعلیه لا یمکن ان نعدّ روایة الشیخ السمری منسوخة بغیرها، بل هی الناسخة لغیرها، والماحیة لما ثبت فی باقی النصوص.

الوجه الرابع: ولنعکس السحر علی الساحر

وإذا عکسنا شبهتهم علیهم، وقلبنا السحر علی الساحر وقلنا: هل الروایات التی تستشهدون بها لإثبات إمکان السفارة والنیابة الخاصة قبل الصیحة والسفیانی مشمولة بقانون المحو والإثبات أم لا؟ فإن قلتم: إنها مشمولة بذلک القانون أفحمتم أنفسکم بأنفسکم، ولزمتکم الحجة التی أردتم أن تلزموا الآخرین بها، وإن قلتم: إنها غیر مشمولة قلنا: إنه لا دلیل قطعیاً علی عدم شمولها، والأصل هو الشمول ما لم یأت دلیل علی عدمه، فإذا أصر الخصم علی رفع الید عن توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، وعدم العمل بمضمونه لمجرد احتمال شموله بقانون المحو والإثبات، فیجب أیضا رفع الید وعدم العمل بکل الروایات التی یستشهدون بها لإثبات مدعاهم بل علیهم رفع الید عن کل الروایات الشریفة الموجودة فی کتب الحدیث والروایة، لان احتمال شمولها بقانون المحو والإثبات وارد فی الجمیع.

فإذا فتحنا الباب أمام هذا الاحتمال، فلن یبقی من الدین ما یعتمد علیه أصلا، لان أکثر أحکامنا الشرعیة، ومتبنیاتنا العقائدیة والفکریة والأخلاقیة، مأخوذ من الروایات الشریفة، ورفع الید عن الروایة، بمجرد احتمال شمولها

ص: 117

بقانون المحو والإثبات، من دون دلیل یدل علی الشمول، یؤدی إلی الفوضی، والی رفع الید عن الدین کله، فلا یبقی من الدین عصمة وثیقة یؤخذ بها، فیؤدی ذلک إلی محق الحق وإبطال الشریعة والأحکام، وهذا هو الهدف الرئیس لهؤلاء الضالین.

الإشکال السابع: ان روایة السمری متشابهة غیر محکمة

وملخص هذا الإشکال کما حاول البعض ان یصوره، هو ان توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه، والمضامین التی احتواها، لا یوجد لها معنی واحد محدد اتفق علیه الجمیع، فإذا لم یکن له معنی واحد محدد دخل فی قسم المتشابه، والمتشابه کما هو معروف لا یمکن الاعتماد علیه فی مقام الحجیة.

أقول: من الواضح بل من البدیهی ان اللغة العربیة هی اللغة الأغنی والأثری من بین لغات العالم کلها من حیث احتواؤها علی المترادفات المتعددة للکلمة الواحدة، حتی قیل: إنّ للأسد خمسمائة اسم(1)، وقد ألف فیه أحد علماء النحو کتابا مستقلا سماه کتاب أسماء الأسد(2)، ناهیک عن غیر المترادفات من الألفاظ، کالمجازات اللفظیة، والمشترکات المعنویة والأضداد وغیرها،کل ذلک یجعل من الکلام العربی حمال وجوه، فقلما بل یندر ان نجد جملة أو لفظاً لا یحمل علی أقل تقدیر معنیین اثنین أو أکثر، وهذا التعدد لا یشمل الکلام العرفی بین الناس فحسب، بل هو شامل حتی لآیات القرآن الکریم ومفرداته، وکذا الحال


1- تاریخ الإسلام للذهبی: ج26، ص439.
2- هو الحسین بن احمد بن حمدان بن خالویه النحوی اللغوی وله کتاب آخر اسمه أسماء السیف.

ص: 118

بالنسبة للروایات الشریفة الصادرة عن النبی صلوات الله وسلامه علیه وأهل بیته صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، وبسبب هذا الاشتراک اللفظی فی مفردات اللغة العربیة وضع علماء اللغة والنحو وغیرهم من الفقهاء والأصولیین قواعد یمکن بواسطتها تمییز مراد المتکلم وقصده، عند استعماله للفظاً مشترکاً أو جملة مشترکة تدل علی أکثر من معنی وتحمل علی أکثر من محمل، وواحدة من أهم تلک القواعد التی یمکن من خلالها تمییز أحد المتشابهین هی قاعدة حجیة الظهورات اللفظیة، ومعنی الظهور: هو ما یفهم العرف من الکلام عند إلقائه إلیه(1).

فالعقلاء قد اعتادوا فی محاوراتهم علی بیان مراداتهم بما هو ظاهر اللفظ وترتیب الأثر علیه، ولم یردع الشارع عن هذه الطریقة، بل سلک هو أیضا فی محاوراته مع بقیة خلقه هذا المسلک، ولم یخترع طریقا آخر، بل کان سبحانه وتعالی حاله حال أهل المحاورة والعرف فی مقام الإفادة والاستفادة(2).

فالتشابه إذن؛ لو کان موجودا فی ألفاظ التوقیع المقدس للإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه، فانه محلول بفهم العرف لألفاظ هذا التوقیع المقدس، فما یفهمه العرف هو المتعین دون غیره من وجوه الشبه، وقد عرفت فیما مرَّ ان العرف العام ابتداء من وفاة السفیر الرابع قدس الله روحه إلی وقت الناس هذا، یفهم من فحوی التوقیع المقدس انقطاع السفارة والنیابة الخاصة بعد السفیر الرابع.


1- القواعد الفقهیة السید البجنوردی: ج3، ص255.
2- نفس المصدر السابق. وبالجملة: لا إشکال فی اعتبار الظواهر، من غیر فرق بین ظواهر کلام الشارع وغیره، وقال الشیخ محمد علی الکاظمی الخراسانی فی فوائد الأصول: ج3، ص135 (ومن غیر فرق بین ظواهر الکتاب العزیز وغیره).

ص: 119

وکذلک یفهم ان المشاهدة المجردة عن دعوی السفارة ممکنة، ولیست مشمولة بتوقیع السمری قدس الله روحه، وکذلک یفهم العرف ان الشخص المتشرف برؤیة الإمام صلوات الله وسلامه علیه لیس له أی خصوصیة زائدة غیر أنّه تشرف برؤیة طلعته البهیة صلوات الله وسلامه علیه.

ولو حاول البعض من هؤلاء المتشرفین برؤیته صلوات الله وسلامه علیه ادعاء أی خصوصیة زائدة علی مجرد الرؤیة لیصل إلی امتیاز آخر یعلو به ویستطیل علی الناس باسم الإمام صلوات الله وسلامه علیه، فانه کان ولا یزال یواجه بکل قوة من قبل هذا العرف العام، فیرفض مدعاه، ویستهجن قوله، ویندد بمحاولته للعلو باسم الإمام ورؤیته.

وهذا الفهم العرفی حجة شرعیة وخصوصا إذا کان هذا الفهم العرفی ممتدا لأجیال طویلة، ولأعوام مدیدة بلغت إلی الیوم ما یزید علی ألف ومائة سنة تقریبا، فالقضیة بناء علی هذه المدة الطویلة أکبر من مجرد فهم عرفی عام لمضمون توقیع صدر علی ید السفیر الرابع قدس الله روحه، بل یمکن أنْ نعدّ هذا الفهم العام کاشفا ومعبرا عن سیرة المتشرعة عبر هذه الحقبة الطویلة، وخصوصا أولئک الذین کانوا قریبی عهد للغیبة الصغری، والذین عایشوا السنین الأولی لابتداء الغیبة التامة الکاملة.

وهذه السیرة للمتشرعة أو هذا الفهم لمضمون التوقیع ومحتواه بالنسبة للمتشرعة؛ إما کاشف عن کون المعنی العرفی والظهور العرفی الذی کان موجودا یومئذ هو ذلک الذی أوضحناه؛ أو کاشف عن وجود قرینة حالیة أو مقالیة لم

ص: 120

تصل إلینا کانت موجودة عندهم هی التی صرفت فهمهم ووجهته إلی فهم التوقیع المقدس بأنه ینص علی انقطاع السفارة والنیابة الخاصة دون العامة وان المشاهدة التی یرمی صاحبها بالکذب والافتراء هی تلک التی تتضمن ادعاء السفارة دون غیرها، وعلی التقدیرین فهو معین للمراد من الخبر ورافع للتشابه اللفظی بین فقرات التوقیع المقدس وألفاظه، مع أننا فی غنی عن ذلک کله بمعونة ما بیناه من الظهور العرفی.

وعلیه یکون ذلک الذی یفهم من التوقیع المقدس خلاف ما یفهمه العرف والمتشرعة شاذاً مردوداً علیه فهمه لمخالفته الظهور العرفی أولا، ولمغایرة فهمه سیرة الملایین من المتشرعة الذین أجمعوا ولمئات السنین علی غیر ما فهمه ذلک الشاذ فی فهمه، وذهب إلیه، فلا تبقی لذلک الشاذ عن الإجماع حجة فی المخالفة، اللهم إلا ان یکون من أولئک الذین وصفهم القرآن بقوله:

((فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِیلِهِ وَمَا یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ))(1).

کان هذا أهم ما قد أُثیر علی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه من قبل بعض المشککین، محاولة منهم لدفع الحق وطمس الحقیقة، وقد أعرضنا عن بعضها خوف الإطالة وإن کنا قد بینا فی الأجوبة ما یمکن أن یطبق علی کل تلک الشبهات مما لم نذکره، فتأمل.


1- سورة آل عمران، الآیة: 7.

ص: 121

خاتمة البحث

توصلنا فی هذه المرحلة بحمد الله سبحانه إلی إثبات التوقیع الشریف الذی صدر علی ید السفیر الرابع الشیخ السمری قدس الله روحه، وحاولنا جاهدین رد ما اشتهرت حوله من شبهات، وما تأوّله مدّعو السفارة الکاذبة فی زمننا هذا ممن أعانهم علی جریمتهم النکراء هذه الجهل والتعتیم الذی مارسته السلطات الظالمة ولقرون متمادیة ضد أتباع أهل البیت صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین وفکرهم الإلهی، وختاما لا ندعی فی هذا البحث الإحاطة بکل تفاصیل الموضوع وجوانبه وجمیع ما أثیر هنا وهناک من إشکالات وتخرصات، فلذا نطلب من القارئ الکریم العذر والسماح عن الهفوات التی قلّما یخلو منها بحث وکتاب.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام علی محمد وعلی أهل بیته الطیبین الطاهرین واللعنة الدائمة علی أعدائهم والمضللین لشیعتهم أجمعین.

الشیخ وسام برهان البلداوی

من المرقد الطاهر لأبی عبد الله الحسین صلوات الله وسلامه علیه

شهر رمضان المبارک لسنة 1429 ه_ __ 2008 م

ص: 122

ص: 123

فهرس الآیات

اسم السورة                                    رقمها                           الصفحة

آل عمران

((فَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِیلِهِ وَمَا یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)).         7                      120

((قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَیْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ وَإِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِیَ مُوسَی وَعِیسَی وَالنَّبِیُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)).       84            52

((مَا کَانَ اللَّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَمَا کَانَ اللَّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَی الْغَیْبِ وَلَکِنَّ اللَّهَ یَجْتَبِی مِنْ رُسُلِهِ مَنْ یَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَکُمْ أَجْرٌ عَظِیمٌ)).                  179                 42

النساء

((یُرِیدُونَ أَنْ یَتَحَاکَمُوا إِلَی الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ یَکْفُرُوا بِهِ وَیُرِیدُ الشَّیْطَانُ أَنْ یُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِیدًا)).   60                         98

الحدید

((أَلَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِکْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا یَکُونُوا کَالَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَکَثِیرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)).          16                   48

الرعد

((یَمْحُوا اللَّهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْکِتَابِ))    39             61

مریم

((تَکَادُ السَّمَاوَاتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا))

89                   115

ص: 124

ص: 125

فهرس الأحادیث

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم «لان یهدی الله علی یدیک رجلا خیر لک مما طلعت علیه الشمس وغربت»         11

«مثل أهل بیتی مثل نجوم السماء، کلما غاب نجمٌ طَلَعَ نجم...»         38

قال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام «إنما سمیت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق،..»  9

«أمسک عن طریق إذا خفت ضلاله، فإن الکف عن حیرة الضلالة...»          10

«ان الشیعة تربی بالأمانی منذ مائتی سنة»          47

«کنا جلوساً عند النبی قدس الله روحه وهو نائم فی حجری، فتذاکرنا الدجال فاستیقظ النبی قدس الله روحه محمراً وجهه فقال: لغیر الدجال أخوف علیکم من الدجال الأئمة المضلون...»     55

«وخروج السفیانی برایة خضراء وصلیب من ذهب»   61

قال الإمام علی بن الحسین زین العابدین علیه السلام «إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفیانی حتم من الله،..»     57

ص: 126

قال الإمام محمد الباقر علیه السلام «الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی الهلکة»      10

«إنما نحن کنجوم السماء کلما غاب نجم طلع نجم حتی إذا أشرتم...»       38

«الغبرة علی من أثارها، هلک المحاضیر»        41

«... کذب الوقاتون وهلک المستعجلون ونجا المسلِّمون»      46

«إن من الأمور أمورا موقوفة وأمورا محتومة،...»        57

«...لا والله إنه لمن المحتوم»      57

«وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر ولا یجوزها ان شاء الله»   60

«السفیانی... لم یعبد الله قط ولم یر مکة ولا المدینة قط»       61

«السفیانی والقائم فی سنة واحدة»        62

«یخرج القائم علیه السلام یوم السبت یوم عاشورا...» 62

«وکفی بالسفیانی نقمة لکم من عدوکم،...»    63

«خروج الثلاثة الخراسانی والسفیانی والیمانی فی سنة واحدة فی شهر واحد...»       64

«أن الفاسق لو قد خرج لمکثتم شهرا أو شهرین بعد خروجه...»        65

«خروج السفیانی من المحتوم والنداء من المحتوم»   66

«یکون لصاحب هذا الأمر غیبة فی بعض هذه الشعاب...»      109، 110

قال الإمام جعفر الصادق علیه السلام «إذا ظهرت البدع فعلی العالم أن یظهر علمه فإن لم یفعل سلب منه نور الإیمان»    10

«یأتی علی الناس زمان یغیب عنهم إمامهم...»            36

«یأتی علی الناس زمان یصیبهم فیه سبطة یأرز العلم فیها بین المسجدین...» 37

«یا أبان یصیب الناس سبطة...»  38

«إذا أصبحت وأمسیت لا تری إماما تأتم به، فأحبب من کنت تحب،...»    39

«فأحب من کنت تحب وأبغض من کنت تبغض حتی یظهره الله عز وجل»            39

«کذب الوقاتون، إنا أهل بیت لا نوقت»          46

«کذب الوقاتون، کذب الوقاتون،...»  46

ص: 127

«قال أبی علیه السلام قال أمیر المؤمنین علیه السلام: یخرج ابن آکلة الأکباد من الوادی الیابس...»           58

«إنک لو رأیت السفیانی لرأیت أخبث الناس»           59

«وما تصنع باسمه، إذا ملک کور الشام الخمس دمشق، وحمص،...»           59

«ومن أول خروجه إلی آخره خمسة عشر شهرا، ستة أشهر یقاتل فیها،...»    60

«إن أمر السفیانی من الأمر المحتوم وخروجه فی رجب»       62

«کأنی بالسفیانی أو صاحب السفیانی قد طرح رحله فی رحبتکم بالکوفة...»            63

«أنی یخرج ذلک ___ سفیانی ___ ولما یخرج کاسر عینیه بصنعاء»      64

«اختلاف بنی العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم...»       66

«ولا یخرج القائم حتی ینادی باسمه من جوف السماء...»     66

«ینادی مناد من السماء أول النهار یسمعه کل قوم بألسنتهم: ألا إن الحق فی علی وشیعته...»          66

«ینادی مناد من السماء...»        67، 70

«هما صیحتان صیحة فی أول اللیل، وصیحة فی آخر اللیلة الثانیة...»  67، 71

«ینادی مناد باسم القائم علیه السلام، قلت: خاص أو عام؟ قال: عام یسمع کل قوم بلسانهم،...»     68

«صوت جبرائیل من السماء، وصوت إبلیس من الأرض، فاتبعوا الصوت الأول وإیاکم والأخیر...»          68

«ثم ینادی إبلیس __ لعنه الله ___ فی آخر النهار: ألا إن الحق فی السفیانی وشیعته...»            69

«الصیحة التی فی شهر رمضان تکون لیلة الجمعة...»   70

«...هلاک العباسی، وخروج السفیانی، وقتل النفس الزکیة،...».         72

«للقائم غیبتان إحداهما قصیرة والأخری طویلة،...»    100

«تخاطبه الملائکة والمؤمنون من الجن...».      103

«لابد لصاحب هذا الأمر من غیبة، ولابد له فی غیبته من عزلة...»      104

«لابد لصاحب هذا الأمر من غیبة صغری غیر تامة یعتزل فیها الناس...»         106

«لیس بین قیام القائم وبین قتل النفس الزکیة إلا خمس عشرة لیلة»  110

«لا یقوم القائم حتی یقوم اثنا عشر رجلاً کلهم یجمع علی قول إنهم قد رأوه فیکذبونهم» 111

قال الإمام علی بن موسی الرضا علیه السلام «إن الخضر شرب من ماء الحیاة فهو حی لا یموت حتی ینفخ فی الصور،...»         103

ص: 128

قال الإمام محمد بن علی الجواد علیه السلام «إنّ لصاحب هذا الأمر غیبتین إحداهما تطول حتّی یقول بعضهم...»            41

قال الإمام المهدی المنتظر عجل الله تعالی فرجه الشریف «... وسیأتی إلی شیعتی من یدعی المشاهدة، ألا فمن ادعی المشاهدة قبل خروج السفیانی والصیحة فهو کاذب مفتر...»            15، 27، 30، 31، 32، 35، 45، 48، 49، 51، 102، 105، 108

ص: 129

ص: 130

فهرس الأعلام المعصومین

النبی المصطفی محمد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم 9، 11, 38

أمیر المؤمنین أبو الحسن علی بن أبی طالب علیه السلام       9, 10, 58, 61، 87

الإمام زین العابدین علی بن الحسین علیه السلام        57

الإمام أبو جعفر الباقر محمد بن علی علیه السلام       10, 38, 41, 57, 60, 61, 62، 63, 64, 65, 97, 104

الإمام أبو عبدالله الصادق جعفر ابن محمد علیه السلام            10, 37, 41, 58, 59, 60, 62, 63, 64, 66, 67, 68, 69, 81, 88, 89, 98, 100, 101, 102, 103, 104, 108, 111

الإمام أبو الحسن الثانی الرضا علی بن موسی علیه السلام        10, 16, 57, 86, 91, 97, 103, 104

الإمام أبو الحسن الثالث الهادی علی بن محمد علیه السلام      19

الإمام أبو محمد العسکری الحسن ابن علی علیه السلام           16, 18, 19, 20, 106

الحجة بن الحسن المهدی المنتظر 7, 10, 15, 17, 19, 20, 21, 22, 23, 24, 29, 30, 31, 33, 35, 37, 39, 41, 43, 44, 45, 46, 47, 48, 49, 50, 51, 53, 54, 55, 56, 57، 62, 64، 66، 68، 69، 72, 73, 74, 77, 81, 93, 96, 97, 100, 101, 102, 103, 104, 105, 106, 107, 108, 109, 110, 111, 112, 113, 114, 118

ص: 131

فهرس الأعلام

أبان بن تغلب37

ابن أبی فتح الأربلی43

ابن الصباغ المالکی43

ابن حجر85

أبو الحسن علی بن أحمد الدلال القمی28

أبو الحسن علی بن محمد السمری13, 15, 16, 17, 18, 19, 22, 24, 25, 26, 27, 29, 30, 32, 33, 39, 44, 45, 46, 49, 50, 51, 54, 55, 56, 73, 74, 75, 77, 78, 80, 81, 82, 83, 86, 92, 94, 95, 96, 97, 99, 100, 101, 102, 104, 105, 107, 108, 109, 111, 112, 113, 114, 115, 116, 117, 119, 120, 121

أبو القاسم الحسین بن روح من بنی نوبخت17, 18, 23, 24

أبو بصیر46, 62, 104, 108

أبو حمزة الثمالی66, 67, 70

أبو سفیان58

أبو عبد الله أحمد بن عبدون91

أبو عبد الله الأشعری القمی91

أبو عبد الله الحسین بن عبید الله الغضائری90

أبو علی بن أبی جید القمی رحمه الله28

أبو علی محمد بن همام86

أبو محمد الحسن بن أحمد المکتب25, 78, 80, 81, 83, 84, 85, 86, 87, 88, 89, 90

أحمد بن إبراهیم بن مخلد22

احمد بن علی الحمیری111

أحمد بن علی بن زیاد91

أحمد بن محمد بن یحیی العطار91

أحمد بن یحیی بن زکریا القطان87

آقا بزرک الطهرانی34

الأربلی16

البحرانی34

الحسن بن أیوب111

الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هاشم

المؤدب91

الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام85, 86, 87, 89

الحسین بن أحمد بن إدریس91

الحمیری القمی57

ص: 132

الخراسانی64

الذهبی18, 117

الراضی بالله العباسی18

السفیانی15, 25, 26, 31, 35, 44, 49, 56, 57, 58, 59, 60, 61, 62, 63, 64, 65, 66, 69, 70, 72, 73, 78, 102, 105, 108, 112, 114

السید البجنوردی118

السید الخوئی قدس سره85

السید الشریف المرتضی قدس سره34

السید بحر العلوم90

السید محسن الأمین43, 87, 88

السید محمد صادق الصدر رحمه الله16, 81

السید میر داماد90

السید هاشم البحرانی43

الشیخ الصدوق محمد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی10, 21, 22, 23, 24, 25, 35, 36, 37, 39, 58, 62, 68, 69, 70, 78, 79, 80, 81, 85, 86, 87, 88, 90, 91

الشیخ الطریحی57

الشیخ النجاشی قدس الله روحه21, 79, 85, 86, 89

الشیخ علی النمازی الشاهرودی86, 87

الشیخ علی الیزدی الحائری43

الشیخ علی بن الحسین بن بابویه القمی رحمه الله21, 25, 79

الطبرسی قدس الله روحه17, 18, 26, 43, 81, 82, 98, 104

الطوسی، شیخ الطائفة محمد بن الحسن16, 17, 21, 24, 25, 26, 28, 44, 47, 55, 61, 63, 66, 67, 79, 81, 86, 88, 89, 91, 92, 93, 110

العلامة الحلی43, 89

العلامة محمد باقر المجلسی رحمه الله21, 43, 44, 49, 61, 64, 79

الفضل بن یسار46

الکلینی، ثقة الإسلام محمد بن یعقوب11, 38, 39, 41, 46, 47, 57, 66, 81, 91

المتقی لله العباسی18

المظفر بن جعفر بن المظفر العمری91

المعلی بن خنیس62

المفید، محمد بن محمد بن النعمان43, 44, 73, 92, 93

المیرزا القمی34, 79

المیرزا محمد تقی الأصفهانی33, 34, 38, 40, 41, 44, 45, 52, 53, 80, 81, 84, 85, 95

الیمانی64

بشیر بن غالب61

بکر بن عبد الله بن حبیب87

بلال المهلبی44

جعفر السبحانی83, 84

ص: 133

جعفر بن محمد بن متیل24

جعفر بن محمد بن مسرور91

حمران بن أعین57

رضی الدین الأسترآبادی52

زرارة36, 68, 97, 104

صالح بن شعیب الطالقانی رضی الله عنه22

ضیاء الزیدی83

عبد الرحمن بن کثیر46

عبد الکریم بن عمرو الخثعمی111

عبد الله بن سنان35

عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النیسابوری91

عبید بن زرارة64

عثمان بن سعید العمری17, 18, 21

علی بن أحمد بن أبی جید90

علی بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق91

علی بن أحمد بن موسی87, 91

علی بن الحکم85, 87

علی بن یقطین47

عمر بن حنظلة العجلی81, 97, 98, 104

عمر بن عبد العزیز39

عمر بن یزید59

عیسی بن أبی منصور الکوفی88, 89

للسید محمد علی الأبطحی85, 86, 89

محمد باقر الحسینی الأسترآبادی90

محمد بن إبراهیم النعمانی قدس الله روحه35, 36, 37, 38, 39, 41, 42, 57, 60, 62, 63, 64, 65, 66, 67, 71, 72, 109, 110, 111

محمد بن إبراهیم بن إسحاق الطالقانی91

محمد بن أبی عبد الله الکوفی87

محمد بن الحسن بن الولید91

محمد بن جعفر الأسدی85, 87

محمد بن جعفر الکوفی الأسدی87

محمد بن عبدیل23

محمد بن عثمان رحمه الله17, 18, 21, 24, 28

محمد بن علی الحلبی66

محمد بن منصور الصیقل39

محمد بن موسی بن المتوکل91

محمد تقی المجلسی قدس الله روحه79

محمد علی الکاظمی الخراسانی118

نمیم بن بهلول87

هبة الله بن محمد28

هشام بن سالم67, 71

یأجوج ومأجوج99

یحیی الحضرمی55

ص: 134

ص: 135

المراجع والمصادر

1. الاحتجاج / الشیخ الطبرسی / الوفاة: 548 / تحقیق: السید محمد باقر الخرسان لسنة: 1386 - 1966 م / الناشر: دار النعمان - النجف الأشرف.

2. الاختصاص / الشیخ المفید / الوفاة: 413 / تحقیق: علی أکبر الغفاری / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1414 - 1993 م / الناشر: دار المفید - بیروت – لبنان.

3. الإرشاد / الشیخ المفید / الوفاة: 413 / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1414 - 1993 م / الناشر: دار المفید - بیروت – لبنان.

4. الاستبصار / الشیخ الطوسی / الوفاة: 460 / تحقیق: السید حسن الموسوی الخرسان / الطبعة: الرابعة / لسنة: 1363 / الناشر: دار الکتب الإسلامیة -  طهران.

5. إصباح الشیعة بمصباح الشریعة / قطب الدین البیهقی الکیدری / الوفاة: ق 6 / تحقیق: الشیخ إبراهیم البهادری / الطبعة: الأولی / لسنة: 1416 / الناشر: مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام.

6. إعلام الوری بأعلام الهدی / الشیخ الطبرسی / الوفاة: 548 / الطبعة: الأولی / لسنة: 1417 / الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام - قم.

7. أعیان الشیعة / السید محسن الأمین / الوفاة: 1371 / تحقیق: حسن الأمین / الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بیروت – لبنان.

ص: 136

8. إلزام الناصب فی إثبات الحجة الغائب / الشیخ علی الیزدی الحائری / الوفاة: 1333 / تحقیق: السید علی عاشور.

9. الأمالی / الشیخ الصدوق / الوفاة: 381 / الطبعة: الأولی / الناشر: مؤسسة البعثة.

9.

10. الإمامة والتبصرة / ابن بابویه القمی / الوفاة: 329 / الطبعة: الأولی / سنة: 1404 - 1363 / الناشر: مدرسة الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف – قم.  

11. بحار الأنوار / العلامة المجلسی / الوفاة: 1111 / الطبعة: الثانیة  / لسنة: 1403 - 1983 م / الناشر: مؤسسة الوفاء - بیروت – لبنان.

12. بصائر الدرجات / محمد بن الحسن الصفار / الوفاة: 290 / لسنة: 1404 - 1362 ش / الناشر: منشورات الأعلمی – طهران.

13. تاج العروس / الزبیدی / الوفاة: 1205 / تحقیق: علی شیری / لسنة: 1414 - 1994م / الناشر: دار الفکر – بیروت.

14. تاج الموالید / الشیخ الطبرسی / الوفاة: 548 / سنة الطبع: 1406 / المطبعة: الصدر / الناشر: مکتب آیة الله العظمی المرعشی النجفی – قم.

15. تاریخ الإسلام / الذهبی / الوفاة: 748 / تحقیق: عمر عبد السلام تدمری / الطبعة: الأولی / لسنة: 1407 - 1987م / الناشر: دار الکتاب العربی.

16. التذکرة بأصول الفقه / الشیخ المفید / الوفاة: 413 / تحقیق: الشیخ مهدی نجف / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1414 - 1993 م.

17. تهذیب المقال فی تنقیح کتاب رجال النجاشی / السید محمد علی الأبطحی / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1417 / الناشر: ابن المؤلف السید محمد - قم.

17.

18. جامع أحادیث الشیعة / السید البروجردی / الوفاة: 1383 / لسنة: 1399 /المطبعة: المطبعة العلمیة – قم.

19. الحدائق الناضرة / المحقق البحرانی / الوفاة: 1186 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی - قم

ص: 137

20. خلاصة الأقوال / العلامة الحلی / الوفاة: 726 / تحقیق: الشیخ جواد القیومی / الطبعة: الأولی / سنة: 1417 / الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

21. الذریعة / الطهرانی / الوفاة: 1389 / الطبعة: الثالثة / لسنة: 1403 - 1983 م الناشر: دار الأضواء - بیروت – لبنان.

22. رجال الطوسی / الشیخ الطوسی / الوفاة: 460 / تحقیق: جواد القیومی الأصفهانی.

22.الطبعة: الأولی / لسنة: 1415 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی - قم.  

23. رجال النجاشی / النجاشی / الوفاة: 450 / الطبعة: الخامسة / لسنة: 1416 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی - قم.

24. الرسائل الرجالیة / أبی المعالی محمد بن محمد ابراهیم الکلباسی / الوفاة: 1315 / تحقیق: محمد حسین الدرایتی / الطبعة: الأولی / السنة: 1422 – 1380 / الناشر: دار الحدیث.

25. الرواشح السماویة / میرداماد محمد باقر الحسینی الأستر آبادی / الوفاة: 1041

25.تحقیق: نعمة الله الجلیلی / الطبعة: الأولی / لسنة: 1422-1380 / الناشر: دار الحدیث.

26. سیر أعلام النبلاء / الذهبی / الوفاة: 748 / تحقیق: شعیب الأرنؤوط  / الطبعة: التاسعة  / لسنة: 1413 - 1993 م / الناشر: مؤسسة الرسالة - بیروت – لبنان.

27. السیرة الحلبیة / الحلبی / الوفاة: 1044 / لسنة: 1400 / الناشر: دار المعرفة.

28. شرح إحقاق الحق / السید المرعشی / الوفاة: 1411 / تحقیق: السید شهاب الدین المرعشی  / الناشر: منشورات مکتبة آیة الله العظمی المرعشی النجفی – قم.

29. شرح أصول الکافی / مولی محمد صالح المازندرانی / الوفاة: 1081 / تحقیق: المیرزا أبو الحسن الشعرانی  / الطبعة: الأولی / لسنة: 1421 - 2000 م / الناشر: دار إحیاء التراث العربی - بیروت – لبنان.

30. شرح الرضی علی الکافیة / رضی الدین الأستراباذی/ الوفاة: 686 / تحقیق: یوسف حسن عمر / لسنة: 1395 - 1975 م / الناشر: مؤسسة الصادق – طهران.

ص: 138

31. علل الشرائع / الشیخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقیق: السید محمد صادق بحر  العلوم / لسنة: 1385 - 1966 م / الناشر: منشورات المکتبة الحیدریة - النجف الأشرف.

32. عیون أخبار الرضا علیه السلام / المؤلف: الشیخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقیق: الشیخ حسین الأعلمی / سنة الطبع: 1404 - 1984 م / الناشر: مؤسسة الأعلمی - بیروت – لبنان.

33. الغیبة / الشیخ الطوسی / الوفاة: 460 / تحقیق: الشیخ عباد الله الطهرانی

34. الفصول المهمة فی معرفة الأئمة / ابن الصباغ / الوفاة: 855 / تحقیق: سامی الغریری / الطبعة: الأولی / لسنة: 1422 / الناشر: دار الحدیث للطباعة والنشر.

35. فقه الرضا / علی بن بابویه / الوفاة: 329 / تحقیق: مؤسسة آل البیت - قم.  / الطبعة: الأولی / لسنة: 1406 / الناشر: المؤتمر العالمی للإمام الرضا علیه السلام. 

36.

36. الفهرست / الشیخ الطوسی / الوفاة: 460 / تحقیق: الشیخ جواد القیومی / الطبعة: الأولی / لسنة: 1417 / الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

37. فوائد الأصول / الشیخ محمد علی الکاظمی الخراسانی / الوفاة: 1365 / تحقیق: الشیخ آغا ضیاء الدین العراقی / لسنة: 1404 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی.

38. الفوائد الرجالیة / السید بحر العلوم / الوفاة: 1212 / تحقیق: حسین بحر العلوم / الطبعة: الأولی / لسنة: 1363 / الناشر: مکتبة الصادق – طهران.

39. القاموس الفقهی / الدکتور سعدی أبو حبیب / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1408 - 1988 م / الناشر: دار الفکر - دمشق – سوریا.

40. قوانین الأصول / المیرزا القمی / الوفاة: 1231 / المطبعة: حجریة قدیمة.

41. الکافی / الشیخ الکلینی / الوفاة: 329 / تحقیق: علی أکبر الغفاری / لسنة: 1363 الناشر: دار الکتب الإسلامیة – طهران.

42. کتاب الغیبة / محمد بن إبراهیم النعمانی / الوفاة: 380 / تحقیق: فارس حسون کریم / الطبعة: الأولی / لسنة: 1422 / الناشر: أنوار الهدی.

ص: 139

43. الصراط المستقیم / علی بن یونس العاملی / الوفاة: 877 / تحقیق: محمد الباقر البهبودی / الطبعة: الأولی / لسنة: 1384 / الناشر: المکتبة المرتضویة.

44. کشف الغمة / ابن أبی الفتح الأربلی / الوفاة: 693 / الطبعة: الثانیة / سنة الطبع: 1405 - 1985 م / الناشر: دار الأضواء - بیروت – لبنان.

45. کلیات فی علم الرجال / الشیخ السبحانی / الطبعة: الثالثة / لسنة: 1414 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی - بقم.

46. کمال الدین وتمام النعمة / الشیخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقیق: علی أکبر الغفاری / لسنة: 1405 - 1363  / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامی - قم.

47. لسان المیزان / ابن حجر / الوفاة: 852 / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1390 - 1971 م / الناشر: مؤسسة الأعلمی - بیروت – لبنان.

48. مجمع البحرین / الشیخ الطریحی / الوفاة: 1085 / تحقیق: السید أحمد الحسینی / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1408 - 1367  / الناشر: مکتب النشر الثقافة الإسلامیة.

49.

49. مختصر بصائر الدرجات /الحسن بن سلیمان الحلی / الوفاة: ق 9 / الطبعة: الأولی

49.لسنة: 1370 - 1950 م / الناشر: الحیدریة - النجف الأشرف.

50.

50. مدینة المعاجز /  السید هاشم البحرانی / الوفاة: 1107 / تحقیق: الشیخ عزة الله الهمدانی / الطبعة: الأولی / لسنة: 1413 / الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامیة – قم.

51. المزار / محمد بن المشهدی / الوفاة: ن 610 / تحقیق: جواد القیومی الأصفهانی /

51.الطبعة: الأولی / لسنة 1419 / الناشر: القیوم - قم.

52. المستجاد من الإرشاد  / العلامة الحلی / الوفاة: 726 / لسنة: 1406 / الناشر: مکتب آیة الله العظمی المرعشی النجفی – قم.

53. المستدرک / الحاکم النیسابوری / تحقیق: یوسف عبد الرحمن المرعشلی.

ص: 140

54. مستدرک الوسائل / المیرزا النوری / الوفاة: 1320 / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام  / الطبعة: الأولی  / لسنة: 1408 - 1987 م / الناشر: مؤسسة آل البیت - بیروت – لبنان.

55. مستدرکات علم رجال الحدیث / الشیخ علی النمازی الشاهرودی / الوفاة: 1405 / الطبعة: الأولی / لسنة: 1412 / الناشر: ابن المؤلف.

56. معجم أحادیث الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف / الشیخ علی الکورانی العاملی / تحقیق: الشیخ علی الکورانی العاملی / الطبعة: الأولی / لسنة: 1411 / الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامیة – قم.

56.

57. معجم رجال الحدیث / السید الخوئی / الوفاة: 1411 / الطبعة: الخامسة / لسنة: 1413 - 1992 م

58. مفردات غریب القرآن / الراغب الأصفهانی / الوفاة: 502 / الطبعة: الثانیة / لسنة: 1404 / الناشر: دفتر نشر الکتاب.

59. مکیال المکارم / میرزا محمد تقی الأصفهانی / الوفاة: 1348 / تحقیق: السید علی عاشور / الطبعة: الأولی / لسنة: 1421 / الناشر: مؤسسة الأعلمی – بیروت.

60. میزان الحکمة / محمد الریشهری / الطبعة: الأولی / الناشر: دار الحدیث.

61. نقد الرجال / التفرشی / الوفاة: 11 / تحقیق: مؤسسة آل البیت علیهم السلام

ص: 141

المحتویات

مقدمة القسم 

الإهداء

مقدمة الکتاب  

الفصل الأول: توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه بین التأیید والمعارضة

مقدمة الفصل الأول 

من هو الشیخ السمری قدس الله روحه ؟

متی وصلت إلیه السفارة والنیابة عن الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه؟

الذین نصوا علی سفارته قدس الله روحه

من عاصره من حکام بنی العباس  

الأسلوب العام الذی کان ینتهجه الشیخ السمری قدس الله روحه

مبررات انحسار الاتصال بالإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه بالسفراء الأربعة

الأدلة علی صحة سفارة السفیر الرابع قدس الله روحه

أولا: وحدة الخط الذی به کانت ترد جمیع التوقیعات وتشابهه

ثانیا: صدور بعض الأمور التی تندرج تحت عنوان العلم بالغیب علی یدیه

النص الکامل لتوقیع الشیخ السمری قدس الله روحه

تحلیل محتوی توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه ومضمونه

ص: 142

المبحث الأول: فوائد هذا التوقیع علی المستوی الشخصی والاجتماعی 

المبحث الثانی: توقف السفارة بعد موت الشیخ السمری قدس الله روحه

الفائدة الأولی: للجواب عما سیثار حول مستقبل النیابة الخاصة من قبل الموالین 

الفائدة الثانیة: إعطاء فرصة أخیرة لیستفید منها الناس کل حسب طاقته ومستواه

المبحث الثالث: ثمانیة أدلة علی انقطاع السفارة الصادقة بعد الشیخ السمری 

الدلیل الأول: عدم وجود خبر یدل علی وقوع السفارة فی الغیبة الکبری 

الدلیل الثانی: ما قاله الشیخ النعمانی حول ارتفاع أعلام السفراء

الدلیل الثالث: الأمر بالبقاء والتمسک بما علیه المؤمن حتی یتبین الأمر 

الدلیل الرابع: الأمر بالبقاء علی المعتقد القدیم حتی یظهر الإمام المهدی صلوات الله وسلامه علیه

الدلیل الخامس: أمر المؤمن بالبقاء علی حب من کان یحب وولاء من کان یتولی إلی وقت الظهور

الدلیل السادس: لا یطلع علی مکان الإمام المهدی علیه السلام ولی ولا غیره

الدلیل السابع: لا معارض لانقطاع السفارة فی الغیبة الکبری من علماء الطائفة

الدلیل الثامن: إجماع الطائفة منعقد علی انقطاع السفارة فی الغیبة الکبری 

المبحث الرابع: فائدة عدم تحدید وقت لانتهاء الغیبة الکبری فی توقیع السمری 

الفائدة الأولی: لإبقاء حالة الاستعداد والترقب الدائم عند القاعدة الموالیة

الفائدة الثانیة: لکی لا تضرب الثورة المهدویة فی بدایة ظهورها وانطلاقها

المبحث الخامس: صعوبة الظروف التی ستکتنف الغیبة الکبری 

المبحث السادس: ظهور السفراء المدعین الکاذبین 

الاعتبار الأول: لعدم اعتقاد غیر الشیعة ان للإمام المهدی علیه السلام وجوداً خارجیاً

الاعتبار الثانی: لان آراء المخالفین لا تجد قبولا فی أوساط الموالین 

المبحث السابع: المشاهدة المنفیة هی المقترنة بدعوی السفارة لا غیر

الدلیل الأول: وجود لام العهد یصرف المعنی من العام إلی الخاص ومن المطلق إلی المقید 

الدلیل الثانی: التوقیع یتحدث عن المشاهدة التی تُستغل لتضلیل الجماهیر الموالیة

الدلیل الثالث: المشاهدة مع دعوی السفارة تتنافی ومفهوم الغیبة الکبری 

الدلیل الرابع: المشاهدة مع ادعاء السفارة وسیلة من وسائل التضلیل للموالین 

المبحث الثامن: إمکان المشاهدة مع ادعاء السفارة بعد الصیحة والسفیانی 

العلامة الأولی: خروج السفیانی 

العلامة الثانیة: الصیحة وکونها من المحتوم

ص: 143

الفصل الثانی: دفاع عن توقیع الشیخ السمری قدس الله روحه

الإشکال الأول: الطعن فی سند الروایة ورمیها بالإرسال 

من هو الشیخ الصدوق؟ 

من قال من العلماء بعدم إرسال توقیع السمری 

الإشکال الثانی: محاولة رمی رجال السند بالجهالة

ویرد علیه: ان هذا المفتری جاهل بالفرق بین کتب الحدیث والترجمة

ویرد علیه: ان الحسن بن محمد المکتب موثق مذکور فی کتب الرجال 

الأول: هل الاختلاف فی الاسم أو الکنیة یضر فی وثاقة الراوی 

الأمر الثانی: هل کثرة الروایة والترضی والترحم علی الراوی  دلیل علی وثاقته؟

الإشکال الثالث: إن روایة السمری من أخبار الآحاد لا توجب علماً ولا عملاً 

القرینة الأولی: القرینة الداخلیة تؤید صحة صدوره

القرینة الثانیة: التوقیع هو الإعلان الوحید لانتهاء الغیبة الصغری 

القرینة الثالثة: إجماع الطائفة قرینة علی صدق صدوره

القرینة الرابعة: موافقة التوقیع مع المرجحات الروائیة

وبقیت لنا ملاحظة أخیرة

الإشکال الرابع: إنّ توقیع السمری معارض بغیره من الروایات  

الروایة الأولی: لا یعلم بمکان الإمام المهدی علیه السلام إلا خاصة موالیه

الوجه الأول: ان الروایتین مجمعتان علی تعدد الغیبة

الوجه الثانی: انهما مجمعتان علی ان الاجتماع مع الإمام ممکن فی الصغری 

الوجه الثالث: لا دلالة فی الروایة علی ادعائهم للسفارة

الوجه الرابع: الروایة تنطبق علی من یکون بمنزلة الخضر وبعض الملائکة

الروایة الثانیة: ان مع الإمام المهدی ثلاثین شخصا یذهبون عنه الوحشة

الوجه الأول: انها من قبیل المجمل المحتاج لمبین ومفسر 

الوجه الثانی: الثلاثون هم من له منزلة الخضر أو الملائکة أو مؤمنی الجن 

الروایة الثالثة: ان للإمام المهدی علیه السلام مولی یدعو الناس للنصرة

الروایة الرابعة: رؤیة الإمام المهدی وتکذیب الناس لمن قد رآه

الوجه الأول: الروایة ضعیفة السند 

الوجه الثانی: اضطرابها من حیث تعیین زمن الرؤیة

الوجه الثالث: لیس فی رؤیتهم دلیل علی سفارتهم 

الوجه الرابع: لعل سفارتهم ستکون بعد السفیانی والصیحة

الإشکال الخامس: إنّ التوقیع معارض لقصص اللقاء بالإمام

السبب الأول:  لیس فیها تفاصیل تکشف سر الغیبة

السبب الثانی: کل تلک المشاهدات وقعت من دون دعوی السفارة

الإشکال السادس: إنّ التوقیع داخل فی دائرة المحو والإثبات  

الوجه الأول: الإشکال بلا دلیل 

الوجه الثانی: لا ترفع الید عن أمر مجمع علی صحته لمجرد الاحتمال 

الوجه الثالث: لا یمکن ان یکون التوقیع منسوخا لتأخره فی الصدور

الوجه الرابع: ولنعکس السحر علی الساحر 

الإشکال السابع: ان روایة السمری متشابهة غیر محکمة

ص: 144

خاتمة البحث  

فهرس الآیات  

فهرس الأحادیث  

فهرس الأعلام المعصومین 

فهرس الأعلام

المراجع والمصادر

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.